إن الحمد لله نحمده ...
أما بعد:-
ففي صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ لقي ركباً بالروحاء، والروحاء: مكان قريب من المدينة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : مَن القومُ؟ قالوا: المسلمون "
معاشر الإخوة هذا هو الوصف الذي يعرف المسلم به نفسه، ويعتز به عند مقابلة غيره .
إنه وصفُ الإسلام الذي يعني الاستسلام لله في كل شؤون العبد، فهو لايقدم ولايؤخر إلا بأمر الله (قل إن صلاتي ونسكي وممحياي ومماتي لله رب العالمين)
وكيف يعدل العاقل عن اسم ارتضاه الله لعباده، وجعله مسطراً في كتابه، وفيما أنزل قبل ذلك على أنبيائه (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) أي: في الكتب السابقة، (وَفِي هَذَا) أي: في هذا الكتاب، وفي هذا الشرع. فالاسم ملازم لكم قديما وحديثا .
فيا أمة الإسلام: الزموا هذا الاسم فالإسلام جمعنا، وبعزها ارتفع شأننا، وبتعاليمه انتهت عداوتنا، وانطفأت حروب بيننا (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)
لم تفلح القبلية ولا الجنسية ولا الجغرافية المكانية أن تجمع الناس لا يجمعهم إلا نظام وشرع من رب الناس (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)
هكذا فهم الجيل الأول دينهم، وسارت عليه القرون المفضلة، وتوارثته الأمة في أحقابها المتتالية على بينة من ربهم، ووضوح في منهجهم
حتى دبّ فيها داء الأمم: الاختلاف، وتطلب الهدى في غير الطريقة المحمدية! وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، (ومن رغب عن سنتي فليس مني) والله تعالى يقول له (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم)
معاشر المسلمين: حينما تختلط الأمور، أو تُخلط ويصبح العاقل حيرانَ فإن مفزع الإنسان هو (اهدنا الصراط المستقيم)، (اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك)
ومن طلب الهدى وجده، ومن يتوق الشر يوقه
إلا وإن من الهدى الصدورَ عن رأي العلماء، الذين هم ورثة الأنبياء، الذين ييلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله .
وبين يدي بيان هيئة كبار العلماء في هذه البلاد جاء التوجيه أن يتلى من فوق المنابر لأهمية الموضوع، وإزالة اللبس في الوضع
فكن ممن قال الله فيهم (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذي هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب)
"الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وصفوته من خلقه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين .. أما بعد:
إن الله تعالى أمر بالاجتماع على الحق ونهى عن التفرق والاختلاف. قال تعالى: "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون"، وأمر العباد باتباع الصراط المستقيم، ونهاهم عن السبل التي تصرف عن الحق، فقال سبحانه: "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون".
وإنما يكون اتباع صراط الله المستقيم بالاعتصام بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أنّ مِن السبل التي نهى الله تعالى عن اتباعها المذاهب والنحل المنحرفة عن الحق، فقد ثبت من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً بيده ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيماً"، ثم خط عن يمينه وشماله، ثم قال : هذه السبل ليس منها سبيل إلاّ عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" رواه الإمام أحمد.
قال الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: "فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتقرق بكم عن سبيله". وقوله: "أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه". ونحو هذا في القرآن، قال :أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمِراء والخصومات في دين الله.
والاعتصام بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هو سبيل إرضاء الله وأساس اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، والوقاية من الشرور والفتن، قال تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون".
فعُلم من هذا: أن كل ما يؤثر على وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين من بث شبه وأفكار، أو تأسيس جماعات ذات بيعة وتنظيم، أو غير ذلك، فهو محرم بدلالة الكتاب والسنة. وفي طليعة هذه الجماعات التي نحذر منها جماعة الإخوان، فهي جماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية، ومنذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئاً بالشرور والفتن، ومن رَحِمها خرجت جماعات إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فساداً مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم.
ومما تقدم يتضح أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب.
فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها.
والله نسأل أن يحفظنا جميعاً من كل شر وفتنة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".
الحمد لله ...
فإن مراجعة المسلمين ونقد بعضهم بعضاً أفراداً أو جماعات ظاهرة صحية مادام قائدها الوصولَ إلى الحق، وتمييز الأصيل من الدخيل بعيداً عن الحظوظ النفسية، ومداخل الشيطان الذي يئس أن يعبد في جزيرة العرب ولكن رضي في التحريش بينهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى، وقد لا ينقطع الوسخ إلا بنوع من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما يحمد منه ذلك التخشين).
رحمه الله تعالى هذه طريقة الربانيين الذين لايريدون علوا في الأرض ولا فساداً، ممتثلين قوله صلى الله عليه وسلم (انصر أخاك ظالماً أومظلوما)
معاشر الإخوة جاء البيان من علماء راسخين شابت لحاهم، وأخذت منهم السنين مأخذا وهم يبلغون رسالة ربهم في خدمة هذا الدين، وصار نظرهم إلى آخرتهم، وأين موضع رحلهم؟
فالظن بهم كل خير، والتهمة لهم أبعد ما تكون من عاقل سلم من الهوى .
فزادهم بصيرة وهدى وتقى.
جاء البيان وفيه إشارات لاتغفل فقد خلا البيان من التكفير وعبارات الشتم والقدح المشين .
توجه النقد في البيان للأفكار وما ظهر من انحراف طريقة المخالف في التعامل مع الأحداث، شعارهم (إنه عمل صالح) .
لم يسطر في البيان أسماء أشخاص من الأحياء ولا الأموات
شعارهم (ما بال أقوام) .
فمعاشر المسلمين: أما آن الآن أن توضع النقاط على الحروف ويكون صدورنا عن أقوال علمائنا .
وأن يلزم أنصاف المتعلمين، والمتعالمون حدهم ويعرفوا قدرهم فضلاً عن الإعلاميين والمغردين، ومهرجي القنوات .
ربنا لانجعلنا فتنة للقوم الظالمين .
فاللهم ألهمنا رشدنا وقنا شرور أنفسنا
واجمع قلوب المسلمين في هذه البلاد وجميع بلاد المسلمين على البر والتقوى، وأعذنا من الفتن ما ظهر منها ومابطن .