• ×

admin

خطبة يوم الجمعة 20-7-1431هـ بعنوان إشارات لإجازة ناجحة

admin

 0  0  2.8K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله يهب لمن يشاء إناثاً ، ويهب لمن يشاء الذكور ، وهي نعمة بين شاكرٍ لها وكفور .
أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ، ويجعل من يشاء عقيماً ، لحكمٍ بالغة ، ألا إلى الله تصير الأمور .
وأشهد ألا إله إلا الله العزيز الغفور .
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله الصابر في تبليغ رسالة ربه ، العابد الشكور . صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، ما توالت الأيام والدهور
أما بعد : -
فإنَّ الله أسبغ على عباده النعم ، ومن أعظمها نعمة الأولاد ، وجعلهم فتنة يتميز بها العباد .
فمن أدَّى حق الله فيهم ، وحفظهم من أسباب الشر والفساد قرَّت عينه بصلاحهم في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .
وإنَّ الأولاد قرين الأموال في كتاب الله لكثرة تفريط الناس فيهما ، وقلة السَّالمين من عظم مسؤوليتهما .
 إنما أموالكم وأولادكم فتنة 
 المال والبنون زينة الحياة الدنيا 
وقال هود عليه السلام مذكراً قومه هاتين النعمتين  واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعامٍ وبنين 
فإذا أصلح الله الأولاد ذكورهم وإناثاً تمَّت حينئذ النعمة ، وصاروا لأهليهم من الله رحمة .
فبصلاحهم تسكن النفس، ويطمئنُّ القلب، ويتفرغ العبدُ إلى ما سواهم من مصالح دينه وشؤون دنياه .
وإن لتحصيل هذه النعمة أسباباً كثيرة، يأخذ بها العبد متوكلاً على الله موقناً أنَّ لله حكماً يجريها، وأسراراً في خلقه يمضيها .
وفي قصة نوح - عليه السلام مع ابنه عظة وعبر للمدَّكر، حيث فتح الله أبواب السماء بماء منهمر، وفجر الأرض عيونا ، قال الله تعالى فالتقى الماء على أمر قد قدر  .
فأدركت الأبَّ شفقةُ الأبوة ، وفاضت من قلبه الرحمة ، وهو ومن معه في فلك يجري بهم في موجٍ كالجبالِ فعبَّر عن هذه العاطفة مستعملاً مع ابنه آخر محاولة  يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين 
وقدر الله نافذ ، وحكمنه مستعلية وحال بينهما الموجُ فكان من المغرقين .
ألا ما أصعبه من موقف ، وما أشده من امتحانٍ تبقى أحداثه في الذهنِ ، وملامحُ صورته رأي العين ، لا يستطيع دفعه وتناسي وقائعه إلا المؤمنون العارفون معنى قوله تعالى  إنَّ ربك حكيم عليم 
وقوله تعالى  إنَّ ربك فعَّال لما يريد 
ثمَّ تنتهي هذه القصة بمراجعة نوح عليه السلام ربه يستجلي الأمر ، ويستوضح الحال  ونادى نوحٌ ربه فقال ربِّ إنَّ ابني من أهلي وإنَّ وعدك الحقُّ وأنت أحكم الحاكمين ، قال يا نوحُ إنَّه ليس من أهلك إنه عملٌ غيرُ صالحٍ فلا تسألني ما ليس لك به علمٍ إني أعظك أن تكون من الجاهلين 
فابنه ليس من أهله، أي : الناجين فليس داخلاً فيمن وعد الله بنجاتهم خلافاً لما ظنه نوحٌ عليه السلام فما كان منه إلا أن أعلن ندمه ورجوعه إلى أمر ربه  قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين 
ففي هذه القصة أعظم تسلية لمن ندَّ عن الهداية ابنه ، وشرد إلى الضلالة مَن تحت يده ، وهو مع ذلك قد أفرغ جهده ، وطرق لإصلاحه كلَّ سبيلٍ في وسعه .
 لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب 
عباد الله :
إنَّ من أسباب صلاح الأبناء التي سلكها نوح مع ابنه هو دعوته ونصحه .
فلا بد من الدعوة و التوجيه السليم والتحذير المستمر، فقد يجهل الولد ما يضره، وما يبته له رفيق السوء، وقد يخفى عليه ما ينفعه .
فعلى الولي من أب أو غيره النصح المتكرر مراعياً في ذلك حال المنصوح يلمح مرة ، ويصرح أخرى مبتعداً عن نصيحته أمام أقرانه ، وإخوانه فهذا يحرجه غالباً ، وقد يكون سبباً في ردِّ النصيحة أو عدم الاهتمام بها ، أو تأخذه العزة بالإثم فيرد النصيحة ، وتضيع الهيبة ، ويتجرأ على ما لم يجرؤ عليه من قبل .
واقرأ وصايا لقمانَ لابنه وهو يعظه فإنها وصايا جامعة متعددة يُظْهِر فيها لقمانُ لابنه التودد فيصدرها بقوله (يا بُنَيَّ ) .
(يا بني لا تشرك بالله )
(يا بني أقم الصلاة )
( وما كان الرفق في شيء إلا زانه )
ومن أسباب صلاح الأولاد واستقامتهم أن يظهر الولي من أبٍ أو غيره أمام أولاده بمظهر المربي الصالح والقدوة الناجح .
فلا يقبل ابنك أن تحثه على الجلساء الصالحين وهو يرى في جلساءك المتهاون، وبعض الفاسقين .
ولا يقبل منك ابنك أن تحثه على الصلاة ، وهو يراك فيها من المتكاسلين .
ولا يقبل منك ابنك أن تحثه على استغلال الوقت وحفظ القرآن، ثم أنت في هذا كله من الزاهدين .
فالقدوة أبلغ تأثيراً ، وأدوم أثراً .
فإياك أن يراك ابنك على حال لا تحب أن تراه أنت عليها
أيها الولي: من الأمور التي لا ينبغي للأب أن يغفلها، وهي اصطحاب أولاده، وإحضارهم مجالس كبار السن ليأخذوا من آدابهم، ويتعلموا من حكمتهم .
اذهب أنت وإياه إلى زيارة كبير في العائلة، أو مريض لك به معرفه واحرص على هذا واجعل له اختيار الوقت حتى لا يتلمص من أمر هو المقصود فيه .
فكثير من أبنائنا أصحاب مزاجية قل من يصيد ميزانها!!
هدى الله أبناءنا لما فيه صلاحهم .
أيها الولي: إليك سبباً من أكبر أسباب صلاح الأولادِ واستقامة حالهم إنه الدُّعاء لهم والتضرع إلى رب الأرباب، فهو القادر على ذلك وحده، وبيده مفاتيح القلوب، وهو الهادي لأحسن الأخلاقِ لا يهدي لأحسنها إلا هو، وهو المجنب عن سيئ الأخلاقِ لا يجنب عن سيئها إلا هو .
أجل ، يا عباد الله ، الدعاء !
لا سيما إن كان من أب بنية صالحة خالصة، وحالٍ مفتقرة، ودمعة نازلة، وخلوة في ساعة يرجى أن تكون مجابة .
قال النبي  ( ثلاثة لا تردُّ دعوتهم الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر) رواه البيهقي ، وغيره وحسنه الألباني .
ولقد تفطن لهذا السبب العارفون
قال الله تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام ( و اجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) .
وقال  رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي 
وقال عن زكريا عليه السلام -  رب هب لي من لدنك ذرية طيبةً إنك سميع الدعاء 
فادعوا لأولادكم بالصلاح، وأن يقيهم مضلات الفتن ، فلا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم .
( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرَّة أعين واجعلنا للمتقين إماماً )
بارك الله لي ولكم




الحمد لله رب العالمين
أما بعد :-
فأنتم معاشر الأولاد معاشر الطلاب هنيئاً لكم نجاحُكم ، وتفوقُكم في دراساتكم ، وجعل الله التوفيق لمن تخلَّف منكم .
وتذكروا وأنتم على أعتاب إجازتكم بعد دراسة طويلة ، وامتحاناتٍ مشغلة تذكروا أن هناك امتحاناً لما تسلم فيه الأوراق بعد ، ولما تظهر فيه النتيجة ، والفرحة بالنجاح فيه فرحة ما بعدها فرحة ،  وأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً ، وينقلب إلى أهله مسروراً  والفوز في هذا الامتحان غاية الفوز  ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً 
معاشر الأبناء والإخوة من الطلبة إنَّ أمامكم ما يقارب ثلاثة أشهر .
كم فيها من ليل ونهار؟
كم فيها من ساعة ؟
فما أنتم بها صانعون ، وفي أي مجالٍ أنتم لها باذلون ؟
وقبل هذا وذاك هي من أعماركم ، وإن سميت عطلة أو إجازة .
يقول عبد الله بن مسعود : (ما ندمت على شيء ندامتي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي)
والله تعالى يقول  وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون 
أيها الآباء، أيها الأولياء : كم يشق علينا ألا يحسن طائفة من الشباب استغلال الإجازة فيمضونها سهراً وعبثاً في الشوارع ، أو تهوراً وتفحيطاً في سياراتهم، أو تجمعاً على منكر من السماع والمشاهدات في استراحاتهم .
كل هذه خطوط منحرفة، وواجب على كل أحد أن يأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء،
والأب يحمل القسم الأكبر .
وإياك أيها الأب المبارك أن تظن أنك في راحة من المسؤلية بانتهاء ابنك من الدراسة .
نعم انتهت مسؤلتك من شيء ودخلت في مسؤلية أشياء.
فكيف سيقضي ابنك الساعاتِ الطوال التي كان يمضيها في المدرسة بعد انتهاء الدراسة ، وما هي الطرق التي يفرع بها الابن طاقته الجسمية والذهنية خلال هذا البحر من الفراغ .
إليك من باب التذكير شيئاً مما تفرغ به الطاقات ، وتشتغل به القدرات .
فهذه حلقات تحفيظ القرآن للبنين . ودور القرآن النسائية للبنات من خيرِ ما يرشد إليها الأبناء والبنات .
والقرآن خير ما تحفظ به الأوقات وتهذب به النفوس ، وأعظم هدية يهديها الأب لابنه أن يحفظه كتابَ ربه .
وهذه الدروس العلمية والدورات الشرعية يقتسم الناس فيها ميراث النبوة ، ينيرون بها قلوبهم ، ويحفظون من خلالها شيئاً من شرع ربهم ( ومن سلك طريقاً يبتغي به علماً سهَّل الله له به طريقاً به إلى الجنة ) .
وهذه الأندية الصيفية فيها التسلية والفائدة يقوم عليها شبابٌ محتسبون ، وأساتذة حفظَ الناشئة يريدون .
ثم الدورات التعليمية في الحاسب، و البرامج التدريبة فيها حفظ للأوقات .
والأعمال التجارية والوظائف الصيفية وإن قلَّ راتبها فيها قطع للوقت بالنافع وإشغال بالمباح ، ولو أن يدفع المرتبَ أبُ الشاب إذا كان العوضَ حفظُ الشاب من الفراغ القاتل .
أيها الشاب أيها الطالب :
إن الإجازة تكون ناجحة إذا نجحت في حفظ وقتك، وحفظ جوارحك فلا عينٌ منك زنت ، ولا أذن منك لمحارم الله سمعت .
إنَّ الإجازة تكون ناجحة إذا راقبت الله فيها قبل الناس .
فلم تضيع فيها صلاة، ولم ترافق فيها سفيهاً ظنَّ السعادة في هجر البيت، وشرب الدخان، واحتقار الوالدين ، والاستخفاف بما حرَّم الله .
إن الإجازة تكون ناجحة إذا استخدمت نعمة الله في التقنية فيما لا يسخط الله فجوالك أبعد ما يكون عن الأرقام المشبوهة، واتصالات السخف والرذيلة .
جوالك نظيف من مقاطع تضعف إيمانك وتربطك بحبال الشيطان .
الكمبيوتر الثابت أو المحمول اشتريته بمالك أو أهدي لك هو بوابتك إلى العالم كله وإلى الدنيا بأسرها، تطل من خلاله في ضغطة زر على أمم وأقوام، وترى صورا وتسمع الأقوال، تعرف من خلاله على أحوال وأحوال.
فتح من الله حيث علَّم الإنسان مالم يعلم .
فإياك أن يكون فتح شر إلى قلبك أو فتقاً في إيمانك فتعود النعمة نقمة، فترد الحياض النتنة، وتدخل السراديب المظلمة .
والسعيد من اتعظ بغيره ، والتعيس من اتعظ غيره به .
فاللهم حفظاً لإيماننا وإيمان أبنائنا ...



للاستماع للخطبة من هنا


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:52 مساءً الثلاثاء 1 يونيو 1446.