الحمد لله الذي أكرم الإنسان ، وعلمه البيان ، وخصه بالعقل من بين سائر الحيوان ، وميَّز من آمن بالفضل والإحسان ، وجعل أعلا أوصافه وصف العبودية للرحمن ، ثم شرَّفه حين ناداه باسم الإيمان (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان) .
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له نهانا عن اتباع خطوات الشيطان .
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله المبعوث بالنصح والبيان صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان .
أما بعد :-
فاتقوا الله حق تقاته ، واعرفوا الخير لتأخذوا بأسبابه وتدخلوه من أوسع بابه ، واحذروا الشر وإياكم والاستهانة فيه أو مجالسة أصحابه .
ابن آدم كرَّمك الله بالعقل ، وجعل عقلك قائداً إلى معرفة خالقك والاستدلال بآيات موجدك (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) .
فالعاقل يقوده عقله لتقوى الله تعالى (فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون) .
(ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون)
فبالعقل يميز الإنسان بين الخير وضده والنافع و ما يضاده
بالعقل يسعد في حياته، ويسعد به قومه وأهل بيته .
وبفقده يشقى في نفسه ويشقى به غيره .
ألا ما أعظم العقل !!
وما أشدَّ خسارة من فقده !!
ومع كل هذا يسعى الإنسان الظلوم الجهول ليذهب عقله باختياره في شربة خمر، أو حبة مخدر .
وكل مسكر حرام سواء شربه الإنسان أو أكله أو شمه أو حقنه في عروقه أو بأي وسيلة أدخله إلى جوفه! .
أما علم هذا الإنسان أن النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن شارب الخمر " بل إنه لعن معه كل من يعينه على منكره .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة : لعن الخمر، وشاربها، وساقيَها ، ومبتاعها (أي : مشتريها) وبائعها ، وعاصرها ، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها ) رواه أبو داود وغيره ، وهو حديث حسن .
فما أقبح الخمر !
حتى ساقيها ومصنعها ومن يبيعها في زاوية محله أو بيته أو مزرعته داخل المدينة أو في الخلاء ، وكذا من يحملها . كل هؤلاء تصلهم لعنة النبي صلى الله عليه وسلم فيطردون عن رحمة الله وتوفيقه ، وإن كانوا لا يشربونها .
وأنت يا شارب الخمر : يا من أذهبت عقلك باختيارك ،
مع كونك أحد العشرة الملعونين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم استمع أيضاً إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر حرام ، وإنَّ على الله – عز وجل – عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال ، قالوا : يا رسول الله ! وما طينة الخبال ؟
قال عرق أهل النار ، أو عصارة أهل النار " رواه مسلم .
يا شارب الخمر، ويا متعاطي المخدر، يا من رضيت أن تكون كالبهيمة بل أسوأ .
إنَّ البهيمة لا يمكن أن تؤذي نفسها بأي سبب، وشارب الخمر، ومتعاطي المخدر ربما آذى نفسه فجرحها، وربما قتلها .
البهيمة لا يمكن أن تتناول نجاستها، وشارب الخمر، ومن هو تحت تأثير المخدر ربما شرب بوله وأكل عذرته .
البهيمة لا يمكن أن تضر بصغارها وبني جنسها، والواحد من هؤلاء قد يسبُّ أهل بيته ، ويضر بأولاده، ويلعن والديه وربما قتل بعض أفراد أسرته .
بل ربما راود إحدى محارمه عن نفسها فطلب أن يواقع بنته، أو أخته بل وصلت الحال – كما نشرت إحدى الصحف - أن ألح شارب خمر على أمه أن تمكنه من نفسها !!
وما له لا يفعل ذلك ، وقد غطَّى عقله ، وغيَّب إدراكه فما الذي يمنعه ؟
يا شارب الخمر ويا متعاطي المخدر: كيف حالك وما وزنك عند والديك، عند إخوانك ، وأخواتك ، عند أبنائك وبناتك وأنت الأب الراعي لهم وهم يرونك ترغي وتزبد في البيت كما يرغي ويزبد الجمل الهائج ؟
ما مقدار منزلتك ، وقد أخذ كلٌ منهم حجرة من البيت وأغلق عليه يخشى سطوتك ويخاف غشمك ؟
هل تصورت تلك الحال وأنت تهذي في كلامك ، ويعلو صوتك ، ويسمع الجيران صراخك !
تلعن مرة ، وتسب نفسك مرة ، بل ودينك وخالقك ، تطلق زوجتك ، تتأرجح في مشيك .
أي ذل بعد هذا الذل ؟
وأي خزي يكون في الدنيا بعد هذا الخزي ؟
إلا أن تكون شاكاً في أنَّ حالك تتردى إلى هذه الصورة. فكلف نفسك واسأل رجال الأمن كيف وجدوك وعلى أيِّ حال كنت لمَّا قبضوك ؟! .
فيامن أذهب عقله انق الله تعالى في نفسك .
واعلم أنك وإن احتطت لنفسك ولم تشرب الخمر ولم تتعاط المخدر إلا بين رفاقك في منأى عن العالمين ، وبعد عن المراقبين .
فأين تحتجب عن رب العالمين ، وكيف تغيب عن الخبير العليم ؟
فماذا لو خرجت روحك وفي يدك كأس الخمر ، أو نزل بك ملك الموت والشراب المحرم يضمه جوفك وتتقلب به أحشاؤك ؟ أو تجري عروقك بحقنة المخدر!
نعوذ بالله من سوء الخاتمة …
أما أنتم – يا من ابتلوا بمن تورط في مسكر أو مخدر من أب أو أخ أو ابن أو غيرهم اعلموا أن هذا من بلاء الدنيا فاصبروا ، ولا تيأسوا من روح الله .
وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم فلقد أتي في مجلس النبي صلى الله بسكران ، فأمر به فضرب ، فلما انصرف قال رجل : ماله؟ أخزاه الله !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم " رواه البخاري .
فمن تورط في شيء من هذه القاذورات فهو مسلم ومن حق المسلم على المسلم أن يعان على نفسه ولا يعان الشيطان عليه سواء بلغ أمره السلطان أو لم يبلغ فهو بحاجة ماسة أن يتلقى بالرحمة وأن ينأى به عن رفاق السوء وأن يعان على إصلاح حاله وشغل وقته ، فإن كان يظن في الخمر والمخدر سلوة عن صعوبة الحياة ومشاكلها ، وسعادة لا يجدها في واقعه فليبين له أنَّ هذه أوهام ووساوس من الشيطان والسعادة في طاعة الله ، وأن تعاطي ما يذهب العقل سبب في هلوسة دائمة وجنون مستمر! .
ومشاكل الحياة وأزماتها يطلب فرجها ممن بيده ملكوت الأرض والسموات ، وليحذَّر من سخط الله ، وعقوبة في الدنيا أو بعد الممات .
ثم من حق هذا المسكين نعم المسكين المبتلى أن يعرف بل وأن يلحق بأحد البرامج العلاجية.
ونذكر هنا ما تقوم به جمعية أمان في المحافظة عبر عياداتها وبرامجها النوعية في مكافحة التدخين والمخدرات
وما أعظم أجر من سعى في صلاح أحد تصلح بصلاحه أسرته،ومجتمعه .
فاللهم أصلحنا وأصلح لنا ... أقول قولي ...
الحمد لله ...
فأيها الإخوة: أيام الإجازات أيام ينشط فيها أصحاب المقاصد الرديئة, فهم يجدون شباباً يضيقون بساعات طويلة من يومهم بعد أن كانت مشغولة في مدارسهم، ودراساتهم ، وليس سراً أن تدرك أيها الأب والمربي أن كثيراً من الانحرافات الشبابية للذكور والإناث كانت بداياتها المحزنة هي في أيام الإجازات بداية بأهونها وليس بهين منها هو شرب الدخان، والتورط في هذه القاذورة التي لها تبعاتها من الغياب عن البيت، ودخول الولد في عالم المجهول فلم يعد ابننا الواضح في كلامه، المعلوم في تصرفاته، فقد تحولت علاقاته إلى ذي وجهين له رفقاء معلنون، وآخرون مخفيون يتسلل إليهم سراً، ويجالسهم سرقة، ثم يظهر لأهله أنه مع من تعرفونهم ولا داعي لكثير مساءلة .
وقد قيل مقولة مخوفة: خلف كل سيجارة حبة مخدرة .
نعم، يسهلها رفيق السوء باسم المنشط، وجالب التركيز، وطارد الهموم !
وربما قالوا: هذه الحبوب كل يتناولها!
وليست هي المخدرات التي تسمع التحذير عنها، وتعقد لها الندوات، وتروى القصص في نهاية أصحابها !
لا ... هذه غير تلك .
ولا يزال الطرق على هذه الوتيرة حتى تخف الوحشة ، ويبدأ الابن المتماسك بقبول المشاركة بالمشاهدة، وطول المجالسة ثم يبدأ يقلب في ذهنه، ما المانع في التجربة ؟
وأنا ولله الحمد في قوتي العقلية، ولدي اختيار تام، وعندي طريق للرجعة !
(ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه)
إيه، يا ولدي!
هذه الخواطر هي نفس الخواطر التي دارت في عقول كبار المدمنين، وقالها من تحولوا إلى مروجين، وهاهم في عنابر السجون من سنين !
لذا أيها المربي كن يقظاً قبل أن يوقظك ما يسوءك، وينبهك ما يزعجك!
ولابد من حديث الصراحة والوضوح !
ولا بد من كشف أساليب شياطين الإنس بكل شفافية، وأنهم يقولون كذا، ومن حيلهم الفعلية التصيد لأمثالك يا بني، ولا يغرنك كرمهم والوجبات التي يدعونك إليها في أغلا أماكن الإفطار أو العشاء !
كن حذراً، وليش شكاكا، وكن ذكياً وليس متهماً !
ولا ننسى أن نقول ربما كانت البدايات المظلمة، والخطوات المحطمة كانت في سفرة قصيرة ضمن مجموعة مع زملائه سياحة أو دراسة مبادئ لغة والدافع له شغل الوقت واستغلال الإجازة، بل ربما كانت انتداباً من جهة عمله فالتهمة أبعد، والاطمئنان آكد . ثم حصلت المفاجأة، وإذا بشياطين الإنس يتصيدون أمثال هؤلاء فدنت الفاجعة إلا من حماه الله وحفظه بحفظه .
أجل معاشر الإخوة وإن من السموم البيضاء التي هي محاربة عالمياً ولكن لها عملاؤها، وتسعى منظمات ودول لتمريرها وتسويقها في المجتمعات كلها، والمحافظة منها التسلط عليها أشد، والجهد لضرب أبنائها وإيقاعهم في حبائلهم أكثر إن من هذه السموم من تجعل متعاطيها مدمنا في المرة الأولى فلا مجال لتجربة أو تلبية فضول نفسي.
وصدق الله العظيم (يا أيها الذين لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)
فاللهم احفظ المسلمين من كيد أعدائهم، وبصر شبابهم بحبائلهم وطرق إغوائهم .
اللهم احفظ بلاد الحرمين من جهود العابثين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون .
اللهم قو رجال أمننا للتصدي لمروجي المخدرات والمسكرات، وكشف خططهم، وتتبع أوكارهمـ ومعرفة حيلهم
اللهم احقظنا بالإسلام ....