• ×

د.عبدالرحمن الدهش

خطبة عيد الفطر 1439

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  804
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ... 
الله أكبر الله أكبر ....
أما بعد: 
فقلد انتهت الأيام العظام، وطويت من أعمارنا الليالي الكرام .
كمل الله بلطفه للصائمين أجر العدة, وإن نقصت في حسابها في المدة (فشهرا عيد لا ينقصان) قاله النبي صلى الله عليه وسلم  
وتوج ذلك أن وافق عيدنا عيد الجمعة فالحمد لله على فضله، وعظيم عطائه .
وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن صلى العيد أن يكتفي به عن حضور الجمعة فيصلي ظهراً في وقتها أربع ركعات حيث كان، منفرداً أو جماعة مع حضر معه . 
شهد الناس شهر الصيام (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وشهدوا من خلاله حاجتهم إلى ربهم، وافتقار نفوسهم إلى خالقهم. 
وجدوا ضالتهم في الامساك في نهاره، وقيام ليله (الصوم جنة) 
أدرك الموفقون أن سعادتهم في عبوديتهم، وراحة نفوسهم وطمأنينة قلوبهم مفتاحها (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)
فلم تفلح الماديات واللهث وراء الملذات و الأسفار عبر القارات لم تفلح – ولن تفلح - في تسكين النفوس، ولم تقدر على إزالة قلق داخلي، ولا خوف من شيء، وآخر من لا شيئ .
فدواء النفوس عند رب النفوس (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) 
هذه بعض محصلاتنا من رمضان حياة جديدة، وتعاون على طاعة .
يشعر المسلم بقرب الصائمين منه، ويأنس بمن يصف إلى جنبه في قيام رمضان في لحظات السكون، والنزول الإلهي لأنه يعرف أن هذا منافس له في الباقيات الصالحات فلا يزال يأخذ من همته، ويسري إلى نفسه شيء من سمو روحه وعلو مقصده! والأرواح جنود مجندة، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) 
أو تكون تلك المغانم الرمضانية هينة على نفوس أبية اجتهدت في جمعها صيام وقيام وقراءة وإطعام .
لا تكون هينة، ولن تباع برخص إن شاء الله (قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين)، (إني أذن في لفي ضلال مبين)  
فاستمسك بما وجدت من صلاح قلبك، واعتصم بحبل ربك، فهذه حياتك الحقيقية، وزادك في سيرك إلى رب البرية، (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها) . 
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) .
فافرحوا بعيدكم، وللصائم فرحتان، ففرحك عند فطرك من يومك أو شهرك هو مقدمة بإذن الله للفرح عند لقاء ربك. 
وأملوا بما يسر الله من طاعته - وإن قل في أعينكم فإنكم لن تحصوا ولكن سددوا وقاربوا و(فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)، و (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من تصدق بعَدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل"
الله أكبر ... الله أكبر 
هذا الدين الذي هذه بعض آثاره على النفوس، وضبطه للحياة، وتنظيمه للمعاش والمعاد سنة الله أن يوجد له مناكف معارض . 
وما تمر به هذه البلاد المباركة، والأمة الإسلامية عموماً من لمز لدينها، ومكر بأولياء الله وعباده الصالحين هو تحقيق لسنة العداء للحق إلى يوم الدين الذي تزعمه إبليس  اللعين (لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) 
وسار على خطواته (الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً) 
ومع هذا كله فالعارفون بالله المدركون سننه في خلقه لهم نظر آخر أسوتهم الحسنة في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يغادر التفاؤل قلبه ولا حسن الظن خاطرة 
أدركوا أن مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ظُهُورِ الْإِيْمَانِ وَالدِّينِ، وَ التمسك بالأخلاق، والثبات على القيم هو ظُهُورُ الْمُعَارِضِينَ لَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ الْمُبِينِ وأصحاب الشهوات الذين يريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً ويأبى الله إلا أن يحق الحق بكلماته ولو كره المجرمون، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق .. انتهى بمعناه لشيخ الإسلام 
(ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض) 
فلا تخف على دينك، فقد أكمله الله ورضيه واختاره للبقاء، ولا تزال طائفة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم إلى يوم الدين .
وإنما الذي يستوجب خوفك، ما حظك من دينك ؟ 
وما ظنك برب العالمين؟ 
ثم كيف جهدك في إحقاق الحق، وترسيخ معالمه في  نفسك قبل غيرك، والصبر عليه في زمن قل فيه المعين، وكثر المخذلون!
أخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرًا لهم، وينذرهم ما يعلمه شرا لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء شديد وأمور تنكرونها، وتجيء فتن فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه; فمن أحب منكم أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه".
ألا وإن مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم خبر صدق هو انقسام القلوب بعد تعرضها للفتن عوداً عوداً -شيئاً فشيئاً إلى قلبين: أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، و أما القلب الآخر فهو الذي لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، فهو مسود يخرج الإيمان من قلبه بمقدار ما أشرب من هواه " 
فانظر يا عبدالله: على أي القلبين قلبك، وابك على خطيئتك، واعلم أن شأن الثبات شأن عظيم وهو دعوة ذوي الألباب العارفين (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) . 
ومن الكلمات التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بجمعها وكنزها وهي أغلا من الذهب والفضة (اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد)  حديث صحيح رواه أحمد وغيره .
الله أكبر ...
الأمم التي ليس لها تاريخ تستأجر من يزور لها تاريخاً فتنسبه لها، وتفتري أمجاداً لأسلافها هم على ضد ما ألصقت بهم !
فما بال قوم هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتا يعبثون في تاريخنا ؟.
فمجتمعنا –ولله الحمد - مجتمع متدين حكومة وشعباً، والإسلام نظام حكمه، والذين يظهرون خلاف ذلك بما تسطره تغريداتهم وأقلامهم، أو تصوره مقاطعهم ومسلسلاتهم وأفلامهم هم ظالمون لأنفسهم مفترون على مجتمعاتهم غاشون لأجيالهم !
و هؤلاء إن أصروا على ما يزعمون فكل إناء بما فيه ينضح، فهم يصورون بيئتهم الخاصة وما تلوثت به بيوتهم، وتردت إليه حالهم ! 
فهل هذه قرابين لارضاء اليهود والنصارى ومن دار في فلكهم (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) ؟
أو هي تسويق للتساهل بحدود الله ورفع الهيبة عن حرماته! 
أياً كان فنحن مطمئنون على قناعاتنا، وواثقون من ماضينا وصحة تديننا، وتدين آبائنا .
ثم لك أن تقول: وهل ذاك الجيل معصوم وكل ما كان فيه حق وصواب ؟
لم يقل أحد بعصمة الزمن النبوي والجيل الأول .
وسجلت فيه الأخطاء والتجاوزات الشخصية، ورصدت فيه كبائر ذنوب وقع فيها من وقع وجاءت العقوبات الربانية والتشريعات الإلهية تطهيراً للمخالفين (ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام) 
فالنقص سمة بشرية، والخطأ طبيعة إنسانية، ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولأتى بقوم يذنبون ثم يستغفرون  
ومع هذا كله لم يجرؤ مؤرخ أن يجعلها هي الأصل في تلك الحقبة الطاهرة والسنوات النبوية والخلافة الراشدة  
(وإذا قلتم فاعدلوا)،  (وويل للمطففين)  .
والمتابع الأول لم يعد سهل الانقياد، فقد أدرك كثيراً مما يدبر له، ويراد أن يطبع عليه .
بل له رؤية، وعنده رأي، فهو ينتقي وينتقد !
ولكن المؤمن لا يلدغ من حجر مرتين .
فحينما ركب طائفة من أبنائنا موجة الغلو وهان عليهم تكفير أمرائهم وعلمائهم بل وأهليهم !
فنخشى أن تعود موجة منعكسة تورط طائفة أخرى من أبنائنا في تساهل في دينهم، وسفه في أخلاقهم، ونبذ لقيم مجتمعاتهم .
وهو أحد حظي الشيطان الذي قنع به من ابن آدم تطرف و غلو أو تساهل و تفريط (ومن يرد الله فتنة فلن تملك له من الله شيئاً).
كيف، وقد احتفت قنوات بمن يقولون على الله ما لا يعلمون باسم تدبر الله، والتأمل في معانيه!
كيف، وقد نبتت نابتة من مدعي الانفتاح تعزو بعضاً من شعائر التدين ومعالم الدين القويم إلى موروث إجتماعي، وعادات وجدنا عليها آبائنا، ثم يسوغون لأنفسهم التخفف منها، وعيب من لا يزال مستمسكاً بها .
وموضة المتعالم الجديدة المسألة فيها خلاف، وليس فيها نص قاطع !
فيا سبحان الله، متى كان الخلاف دليلاً على الإباحة ؟!
أما علموا أن الخلاف في المسائل عند العلماء الربانيين يستدعي ترك الشيء، وحيطة الإنسان لدينه .
ثم ماذا سيبقى لك من دينك ؟ وبأي عمل سوف تلاقي ربك إذا كنت تأتي عظائم الأمور، وتجترئ على منكر القول والعمل بحجة أن فيها خلافاً ؟.
 (ولو أتبع الحق اتباعهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن)
ورحم الله علماءنا
 كيف تعاملوا مع الخلاف؟ ، يقول ابن حزم: " ولو أن امرأ لا يأخذ إلا بما اجتمعت عليه الأمة فقط ويترك كل ما اختلفوا فيه مما قد جاءت فيه النصوص لكان فاسقا بإجماع الأمة "
الله أكبر ...
في الوقت الذي يسعى فيه ولاة أمرنا لتبلغ رسالة الله بالقيام على أكبر مجمعين لطباعة الوحيين الكتاب والسنة .
ونشر الدعاة، ومد جسور الإغاثة للبلاد المنكوبة، وغيرها كثير والخير ممتد ولله الحمد .
في هذا الوقت حق على كل إعلامي – وفي زمن التقنية المنفتحة كلنا رجال إعلامي - فحق عليه أن يصدق مع نفسه وأن يقف في صف دولة لم تألؤا جهدا في إظهار صورة الإسلام وبلاد الحرمين خصوصاً بالمظهر الحسن لعلها تغالب تشويها متعمدا، وخلخلة لرسالة هذه البلاد وتشكيكاً للدور الذي اختاره الله لها .
وكثير من المواقع التواصلية و القنوات الفضائية قد عجت بالمهاترات السياسية وثمت حشد إلكتروني خلفه أصابع خفية، ونفوس مريضة تؤزها شياطين الإنس من الرافضة و ممن قال الله عنهم (لا يألونكم خبالاً) أي: لا يقصرون في إيصال كل نقص إليكم (وودوا ما عنتم) .
فاحذر أن تكون تابعاً لكل ناعق، وبوقا لكل مهرج، وكن أذناً واعية، وراقب الذي (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) .
ورحم الله مغرداً و مسنباً عقل رسالته فأدى الأمانة وارتفع بمتابعيه عن كلمة نابية، أو أن يكون همة صورة مضحكة، أو مشهدا مخلاً أو تصرفاً طائشاً .
ورحم الله مسنباً أدرك أن شهرته لا تعني رضا الله عنه فهو يحسب أنفاسه ورقيب على نفسه (وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تهوي به في النار سبعين خريفاً) 
والإمعة هو الذي إن أحسن الناس أحسن، وإن أساؤا أساء!
الله أكبر الله أكبر ...  
كلمات الأب لابنه هي أصدق الكلمات، وقد قيل: لايرضى أب بمنافس يفوقه إلا أن يكون ابنه .
فحق على ابن أدرك والديه أو أحدهما وقرت عينه برؤيتهما أن لا يريهما ولا يسمعهما من نفسه إلا خيراً 
وحينما يتقدم سنك، وتأخذ في نموك فإن أبويك يرقيان زرعهما، ويتعاهدان غرسهما فسؤالهم أين كنت ؟ ومع من غبت ؟
محمله الذي لا يحتمل غيره هو الشفقة عليك، والرحمة بك. 
فبرهما بصلاحك، وآنسهما بوجودك، وطمئن قلوبهما أنك على عهدك ووعدك معهما ولهما .
واستعن على ذلك بصلاتك فهي نجاتك (ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)
(ومن ضيع صلاته فهو لما سواها أضيع) 
(وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)
الله أكبر ...
اللبيب بالإشارة يفهم فإليك إشارتان أرجو أن تغنيا عن طويل عبارة:
فالإشارة الأولى لمن غلبته نفسه فهو على جفاء مع ذوي رحمه وقد بلغ من مقولة بعض هؤلاء أن يقول مخاطباً أمه، -واسمع ما قال، ولك أن تضحك ولك أن تبكي، وشر البلية ما يضحك : يقول: حقك يا أمي على عيني ورأسي وبرك واجب على ولن يصلك تقصير مني ولكني دعيني من موضوع إخوتي فلهم طريقهم ولا أرغب فيهم !
أي خنجر أغمده مدعي البر في أحشاء أمه !
نعوذ بالله من الخذلان ! وفوات توفيق الرحمن !
ولهذا وأمثاله لا كثرهم الله .
أقول ما قاله الأحنف بن قيس رحمه الله: إياكم ورأيَ الأوغاد !  والأوغاد: هم الحمقى رديئو التصرف
قالوا: وما رأي الأوغاد؟
قال:  الذين يرون الصفح والعفو عارا !
الإشارة الثانية: إلى قوم لا يزالون تتطلع نفوسهم إلى أن يلبسوا ثياباً أوسع منهم، فأوثقوا أنفسهم، وخنقوا أنفاسهم، وأرهقوا ذممهم بديون ممتدة، وأقساط متمددة كشفت معاريض طلبات المساعدات أعدادا متزايدة، من رجال ونساء في أمور كانت لهم فسحة في الاستغناء عنها، و أما ما لا بد منه (فمن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه) 
أما علم هؤلاء المتساهلون عظم الدين على الإنسان حياً وميتاً أما سمعوا بما حدث به جابر رضي الله عنه قال: "توفى رجل , فغسلناه , وحنطناه , وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى عليه, فخطا خطى, ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران!
فانصرف، وقال صلوا على صاحبكم!
حتى جاء أبو قتادة فقال: الديناران عليَّ يارسول الله، فصلى عليه, ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ فقال أبو قتادة: إنما مات أمس , قال: فعاد إليه من الغد, فقال: قد قضيتهما, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته " رواه أحمد وغيره وأصله في الصحيح.  اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك .
الله أكبر ...  
ختام حديثنا، ونهاية تطوافنا إلى أختنا التي صلت خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها فهي تدخل من أي الجنة شاءت .قاله النبي صلى الله عليه وسلم
أختي الغالية:كيف فهمت ما قالته أمك عائشة رضي الله عنها :"لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ من الخروج للمساجد "
ما ظنك ؟ أي تغير أصاب النساء في زمن عائشة رضي الله عنها حتى جزمت أن هذا التغير لو رآه النبي صلى الله عليه وسلم لمنع خروجهن إلى المساجد !
وماذا لو رأت عائشة حال بعض نسائنا رضي الله عنها ما عساها أن تقول؟ وأي مبلغ تبلغ به غيرتها ؟!
ماذا لو رأت من خرجت إلى ورش عمل، أو مقاعد توظيف أو دراسة مختلطة، أو قبلت أعمالاً تطوعية تزاحم الرجال وقد أدركت أن (حسب الضوابط الشرعية) لا وجود لها في الواقع في كثير من المواقع !
أختي الكريمة وبنيتي الغالية أمامك تحد عريض، واختبار شديد والظن أنك أهل للمسؤلية، وأنك جبل بإذن الله لا تحركه الرياح العاتية 
فاستعيني بالله وقد رأيت من حصلت الدرجات العالية العلمية والوظيفة وهي تتعبد لله بحيائها، ولم تقبل المساومة على حجابها وهن من أصدق الناس عطاء وولاء ووطنية .
فأري الله من نفسك خيراً، وجددي صموداً وشموخاً تطيعين به ربك، وتقر به عين كل صادق غيور على بلدك، ويندفع به كيد الحاسدين المتربصين .
فخصوصيتك وتميزك على نساء العالمين هي بمقدار قناعتك بدينك، والتزامك بشرع ربك (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن) .
أما الحرية التي يخادعونك بها ويستأجرون من يروج لها في القنوات باسم مشاركات في قضايا مفتعلة، أو حل مسابقات، أو إهداء معايدات، وضحكات ورقة كلمات هي حريتهم هم في الوصول إليك متى شاؤا وفي أي مكان شاؤا ؟!
في ظل التطبيقات التواصلية المتجددة بتقنية عالية 
والتي يردها ويصدر منها البر والفاجر بلا ثمن يدفع، والوقار والحياء في كثير منها يرفع .
وإذا نزع الحياء حل المقت والشفاء 
وإذا تروضت النفوس على فحش القول والفعل، وتفاهاتٍ المشاهدات سرى في طباعها شيئ مما أكثر الترداد عليه والنظر فيه (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم) كيف حيطتك لدينك ماذا أعددت ؟ 
وحيث إن المقام مقام نصح ومصارحة :
فاعلمي أن أزهد الناس فيك، وأشدهم كراهية للارتباط بك على وجه صحيح هم لصوص النت ومخترقو البيوت ومن يلينون الكلام ويرسلون فيسات القلوب والقبلات! وعذراً للإزعاج .
الله أكبر ...
دعوة المسلمين لبعضهم تحيط من ورائهم، ويدفع الله بالدعاء، ويرفع به من البأساء والضراء  
اللهم اجعل عيدنا سعيداً، وسعينا حميداً، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، وتجاوز عن تقصيرنا .
اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لااله الا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . 
نسألك اللهم بذلك أن تحفظ علينا ديننا، وأن تحفظ لنا ولاة أمورنا، وأن تقوي بالحق ولي أمرنا وولي عهده، وأعوانهم ووزراءهم  .
كما نسألك أن تهيء لأمة محمد من أمرها رشداً، وأن تولي عليهم خيارهم، وتقيهم شرور أشرارهم .
ونٍسألك اللهم أن تنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، وفي جنوب البلاد. .
اللهم عليك بالرافضة المفسدين اللهم أبطل سعيهم، وردهم على أعقباهم، ولا تجعل لهم يداً على المسلمين .
اللهم إنه يغيب عن عيدنا هذا أناس لزموا الأسرة البيضاء أمرهم بيدك، وسؤالهم لطفك وعافيتك، فاللهم اكتب لهم شفاء في أبدانهم وسكينة في قلوبهم، وأعظم مثوبتهم. 
اللهم من سبقت آجالهم من والدينا وأزواجنا وذرياتنا وأقاربنا ومعارف لنا، اللهم اغفر لهم وارحمهم وأكرم نزلهم، وجازاهم بالحسنات إحساناً، وبالسيئات صفحاً وغفراناً،  اللهم  واكتب ذلك لنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.
ثم سنة نبيكم رجوع من غير طريق مجيئكم .
وتذكروا بانصرافكم هذا انصرافكم إلى منازلكم (فأما الذين وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون، وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون) 
أحسن الله عاقبتنا في الأمور كلها، وأجارنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ....

 



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:48 مساءً الخميس 19 مايو 1446.