• ×

د.عبدالرحمن الدهش

تأهبوا له أهبته + ربيع المؤمن

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  887
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

الحمد لله الكبير المتعال  يقلب الأيام والليال، يقدرالآجال، ويصرف الأحوال .

وأشهد ألا إله إلا الله تفرد بالكمال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دعا إلى كريم الأخلاق والخِصال .

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أكرم بهم من صحب وآل .

أما بعد:

فالحياة مراحل، والأيام رواحل، فياسعادة من نظر واعتبر، وتفكر وتدبر .

أدرك أن عمله لا يقوم به غيره، فهو كادح في إكماله، يستعين الله على إتمامه (إياك نعبد وإياك نستعين)

(يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه)

علم أن رزقه لن يأكله غيره فأجمل في الطلب، لا يتأسف على مافاته من الدنيا لأنه لو كان مقدرا له ما تعداه !

ومشفق من أجله الذي طالما تخطاه إلى غيره فسوف يأتي اليوم الذي يتخطى غيره إليه (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) .

(ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها) .

أيها الإخوة: المؤمن المتبصر يعرف لكل زمن وظيفته، وإن من الأزمان ما تسهل فيها بعض الأعمال، وتقوى فيها النفوس، فهو آخذ بزمام نفسه يوردها مواطن الفضل، يستغل وقت نشاطها وإقبالها .

هكذا كانت حال العارفين من سلف الأمة السابقين فكانوا يرون في وقت الشتاء من الفرص التي لا يليق بالمؤمن الغفلة عنها، وفي طبيعة ليله ونهاره ما لا يوجد في غيره من فصول السنة (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار)

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه " الشتاء غنيمة العابدين "

بل لقد أخرجَ الإمام أحمد عن أبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «الشِّتاءُ ربيعُ المُؤمن». زاد البيهقيُّ: «طالَ ليلُه فقامه، وقصُرَ نهارُه فصامَه»، وحسَّن الهيثميُّ إسنادَه.

وفي سنن الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الغنيمةُ البارِدةُ الصومُ في الشِّتاء»؛ وهو حديثٌ ثابتٌ له طرق متعددة .

هذه الغنيمة الباردة تأتيك إلى رحلك لاتتكلف سفراً، غنيمة بلا قتال!

فأين المغتنمون ؟

هذه ميادين الطاعة, وفرص العمر فأين الذين قلت ركعاتهم ؟، وتفلت عليهم حزبهم من كتاب ربهم، وبعد عهدهم من صيام نهارهم !

أين الذين آنسوا وحشة في قلوبهم ؟، واضطربت نفوسهم ؟

وحط القلق رحاله في صدورهم ؟

في ظل تقلبات سياسية، وتغيرات إقليمية!

فحياتهم لم تجددها مجالس الأنس والسمر الطويل، ولم تقطع إلفها الموائد الشتوية والوجبات المتلونة، ولذيذ أكلاتهم الشعبية .

أين هؤلاء – وكلنا ذوو حاجة بل ضرورة – للقرب من ربها والاشتغال بما ينفعنا ؟.

(يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) .

جين يطول الليل لا يرضى المؤمن الذي عرف حقيقة الدنيا إلا أن يكون له شأن آخر في الليالي الطويلة .

فبعد أن يعطي بدنه حظَّه من النوم والراحَة الذي أمر به (وإن لبدنك عليك حقاَ) يأتي طلبه للحظ الباقي في الباقيات الصالحات، (والآخرة خير وأبقى)

فهو قد صف نفسه في عداد عباد الرحمن الذين وصفهم ربهم بقوله (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما) .

يعرضون حوائجهم، يبدون فقرهم إلى مولاهم، ويناجون خالقهم، كيف وقد ناداهم وهو الغني عنهم (هل من داع فأستجيب له, هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له)

(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعا)

(أمن هو فانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) .

هذه إحدى المغانم الغالية, وفي مسند الإمام أحمد وصححه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات" وروي (ومطردة للداء عن الجسد)

فياسعادة من كان له حظ من الليل، وأخذ منه بقدر ما قدره الله عليه، وجعل ذلك زاداً له في آخرته، وقوة له في حياته، وسعادة له وانشراحاً في يومه، وعوناً له على مصالحه وشغله .

فاللهم أعنا على ذلك، ولا تحرمنا بذنوبنا .

أيها الإخوة: مما نذكره ونتذاكر به ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أدُلُّكم على ما يمحُو الله به الخطايا، ويرفعُ به الدرجات؟». قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إسباغُ الوضوء على المكارِه، وكثرةُ الخُطا إلى المساجِد، وانتِظارُ الصلاة بعد الصلاة، فذلكمُ الرِّباط، فذلكمُ الرِّباط»؛ رواه مسلم.

والمكارِه: كل ما يكرهه الإنسان ويشق معه استعمال الماء من شدَّة البرد، أو برودة الماء، أو ألم في البدن .

وفي لفظ آخر (إسباغ الوضوء في السبرات) والسَّبِرات: شدَّةُ البرد، وإسباغُ الوضوء: تكميلُه ووصول الماء لكل العضو من غير نقص.

وهذا لا يمنع التمتع بنعم الله بتدفئة الماء، وتنشيف الأعضاء .

بل لو خاف ضررا على نفسه من شدة البرد فإنه لايجوز أن يضر بنفسه ويجب عليه أن يتيمم .

معاشر الإخوة حينما يشتد البرد, ويمسك شيء من زمهريره فتذكر ما حدث به أبوهريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قالت النار: ربِّ أكلَ بعضِي بعضًا فائذَن لي أتنفَّس. فأذِنَ لها بنفَسَيْن: نفسٍ في الشتاء، ونفسٍ في الصيف». قال - صلى الله عليه وسلم -: «فما وجدتُم من بردٍ أو زمهَريرٍ من نفَس جهنَّم، وما وجدتُم من حرٍّ أو حرورٍ من نفَس جهنَّم».

فشدَّةُ برد الدنيا – رحمنا الله وإياكم – هو من زمهَرير جهنَّم، نعوذ بالله من جهنم حرها وبردها .

ونسأل الله الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا) [الإنسان: 13].

أقول قولي هذا ...

الحمد لله ....

أيها الإخوة: كتب عُمر - رضي الله عنه – إلى عُمَّاله ووُلاتِه إذا حضر الشتاء، يقول لهم: "إن الشَّتاءَ قد حضَرَ وهو عدوٌّ لكم، فتأهَّبُوا له أُهبتَه من الصُّوفِ والخِفافِ والجوارِب، واتَّخِذوا الصُّوفَ شِعارًا" أي: مما يلِي الأجساد، "ودِثارًا" أي: فوق الملابِس، "فإنَّ البردَ عدوٌّ سريعٌ دخولُه، بعيدٌ خروجُه".

وحيث امتنَّ الله على كثير منا بما يسَّرلنا من وسائل التدفئة والألبسة الواقية لنا ولأولادنا ومن تحت أيدينا ، فالدفء نعمة خصها الله بالذكر (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)

ومن شكر هذه النعمة مواساة من فقدها لفقره أو طبيعة بلده، والجود معهم وايصال ما يستدفئون به عن طريق الجهات الموثوقة, في الداخل والخارج .

ولقد وفق الله بعض إخواننا المحتسبين في الأعوام وهم على طريقتهم ماضون فصار من عملهم الصالح التعرف على ذوي الحاجات والأسر الفقيرة، وكذا لهم جولات للقرى المحتاجة، والعمال والرعاة في البر.

وإن يذكر فيشكر فيذكر أصحاب محلات الألبسة والمواد الغذائية الذين جعلوا في بضائعهم حقاً معلوما للمحتاجين يأخذونها من محلاتهم بطرق خفية حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.

في صور مبهجة ونفقة مخلوفة، وصدقة متقبلة بإذن الله .

(وإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم)

ومع ذلك ليكن كل هذا بقدر الحاجة, وما يحمد في مكان قد يكون نقله إلى مكان آخر أفضل .

فاللهم لك الحمد أن جعلتنا معطين لا آخذين !

أيها الإخوة أعظم النعم على العباد هي نعمة الدين والتمشي على هدي سيد المرسلين .

وتعظم هذه النعمة حينما تسمع وربما تشاهدونه عبر وسائل الإعلام من اشتغال كثير من المسلمين في كثير من البلدان الإسلامية بما يسمونه بالمولد النبوي، يعنون بذلك مولد النبي صلى الله عليه وسلم فيحيون أيام أول هذا الشهر ولياليه باحتفالات يجتمعون عليها ينشدون فيها المدائح النبوية، وربما كان في بعضها شركيات وتوسلات محرمة ويزعمون بذلك تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فاعلموا رحمكم الله وأخص إخواننا الوافدين الذين قد تكون هذه المظاهر أمراً عادياً أو مشروعاً عندهم ، وربما لم يسمعوا فيها نكيراً من قبلُ .

فاعلموا أنَّ الاحتفالات بالمولد أمر بدعي لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ "

ولم يثبت عند أهل التاريخ أن مولد النبي عليه الصلاة والسلام كان في الثاني عشر بل في ذلك أقوال كثيرة .

وهذه الاحتفالات لم يفعلها النبي صلى الله غليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعون من بعدهم وإنما أحدثها من أحدثها في القرن السابع الهجري لاشغال المسلمين عن شعائر عن دينهم الصحيح،ومشابهة للنصارى في عيد المسيح .

ومن كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم فإنَّ محبته تكون بطاعته، واتباع شرعه، ولا تكون محبته بالدعاوى.

فاللهم هيأ للمسلمين من أمرهم رشداً .

ثم التنبيه على تحريم مشاركة المسلمين للكفار في أعيادهم الكرسمس أو غيره  سواء نسبوها للمسيح عليه السلام أو غيره .

وقد بين العلماء أن مشاركتهم في أعيادهم بأي صورة كانت بتهنئة قولية أو كتابية أو أهداء أطباق الطعام أو الحلوى أو الورود أن هذا لا يجوز, ومن لازمها التهنئة بالباطل ، وقد نقل ابن القيم رحمه الله أن ذلك حرام بالاتفاق .

فاعتزوا بدينكم غير مبتدعين ولا مداهنين !  

 

الحمد لله الكبير المتعال  يقلب الأيام والليال، يقدرالآجال، ويصرف الأحوال .

وأشهد ألا إله إلا الله تفرد بالكمال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دعا إلى كريم الأخلاق والخِصال .

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أكرم بهم من صحب وآل .

أما بعد:

فالحياة مراحل، والأيام رواحل، فياسعادة من نظر واعتبر، وتفكر وتدبر .

أدرك أن عمله لا يقوم به غيره، فهو كادح في إكماله، يستعين الله على إتمامه (إياك نعبد وإياك نستعين)

(يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه)

علم أن رزقه لن يأكله غيره فأجمل في الطلب، لا يتأسف على مافاته من الدنيا لأنه لو كان مقدرا له ما تعداه !

ومشفق من أجله الذي طالما تخطاه إلى غيره فسوف يأتي اليوم الذي يتخطى غيره إليه (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) .

(ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها) .

أيها الإخوة: المؤمن المتبصر يعرف لكل زمن وظيفته، وإن من الأزمان ما تسهل فيها بعض الأعمال، وتقوى فيها النفوس، فهو آخذ بزمام نفسه يوردها مواطن الفضل، يستغل وقت نشاطها وإقبالها .

هكذا كانت حال العارفين من سلف الأمة السابقين فكانوا يرون في وقت الشتاء من الفرص التي لا يليق بالمؤمن الغفلة عنها، وفي طبيعة ليله ونهاره ما لا يوجد في غيره من فصول السنة (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار)

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه " الشتاء غنيمة العابدين "

بل لقد أخرجَ الإمام أحمد عن أبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «الشِّتاءُ ربيعُ المُؤمن». زاد البيهقيُّ: «طالَ ليلُه فقامه، وقصُرَ نهارُه فصامَه»، وحسَّن الهيثميُّ إسنادَه.

وفي سنن الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الغنيمةُ البارِدةُ الصومُ في الشِّتاء»؛ وهو حديثٌ ثابتٌ له طرق متعددة .

هذه الغنيمة الباردة تأتيك إلى رحلك لاتتكلف سفراً، غنيمة بلا قتال!

فأين المغتنمون ؟

هذه ميادين الطاعة, وفرص العمر فأين الذين قلت ركعاتهم ؟، وتفلت عليهم حزبهم من كتاب ربهم، وبعد عهدهم من صيام نهارهم !

أين الذين آنسوا وحشة في قلوبهم ؟، واضطربت نفوسهم ؟

وحط القلق رحاله في صدورهم ؟

في ظل تقلبات سياسية، وتغيرات إقليمية!

فحياتهم لم تجددها مجالس الأنس والسمر الطويل، ولم تقطع إلفها الموائد الشتوية والوجبات المتلونة، ولذيذ أكلاتهم الشعبية .

أين هؤلاء – وكلنا ذوو حاجة بل ضرورة – للقرب من ربها والاشتغال بما ينفعنا ؟.

(يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) .

جين يطول الليل لا يرضى المؤمن الذي عرف حقيقة الدنيا إلا أن يكون له شأن آخر في الليالي الطويلة .

فبعد أن يعطي بدنه حظَّه من النوم والراحَة الذي أمر به (وإن لبدنك عليك حقاَ) يأتي طلبه للحظ الباقي في الباقيات الصالحات، (والآخرة خير وأبقى)

فهو قد صف نفسه في عداد عباد الرحمن الذين وصفهم ربهم بقوله (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما) .

يعرضون حوائجهم، يبدون فقرهم إلى مولاهم، ويناجون خالقهم، كيف وقد ناداهم وهو الغني عنهم (هل من داع فأستجيب له, هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له)

(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعا)

(أمن هو فانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) .

هذه إحدى المغانم الغالية, وفي مسند الإمام أحمد وصححه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات" وروي (ومطردة للداء عن الجسد)

فياسعادة من كان له حظ من الليل، وأخذ منه بقدر ما قدره الله عليه، وجعل ذلك زاداً له في آخرته، وقوة له في حياته، وسعادة له وانشراحاً في يومه، وعوناً له على مصالحه وشغله .

فاللهم أعنا على ذلك، ولا تحرمنا بذنوبنا .

أيها الإخوة: مما نذكره ونتذاكر به ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أدُلُّكم على ما يمحُو الله به الخطايا، ويرفعُ به الدرجات؟». قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إسباغُ الوضوء على المكارِه، وكثرةُ الخُطا إلى المساجِد، وانتِظارُ الصلاة بعد الصلاة، فذلكمُ الرِّباط، فذلكمُ الرِّباط»؛ رواه مسلم.

والمكارِه: كل ما يكرهه الإنسان ويشق معه استعمال الماء من شدَّة البرد، أو برودة الماء، أو ألم في البدن .

وفي لفظ آخر (إسباغ الوضوء في السبرات) والسَّبِرات: شدَّةُ البرد، وإسباغُ الوضوء: تكميلُه ووصول الماء لكل العضو من غير نقص.

وهذا لا يمنع التمتع بنعم الله بتدفئة الماء، وتنشيف الأعضاء .

بل لو خاف ضررا على نفسه من شدة البرد فإنه لايجوز أن يضر بنفسه ويجب عليه أن يتيمم .

معاشر الإخوة حينما يشتد البرد, ويمسك شيء من زمهريره فتذكر ما حدث به أبوهريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قالت النار: ربِّ أكلَ بعضِي بعضًا فائذَن لي أتنفَّس. فأذِنَ لها بنفَسَيْن: نفسٍ في الشتاء، ونفسٍ في الصيف». قال - صلى الله عليه وسلم -: «فما وجدتُم من بردٍ أو زمهَريرٍ من نفَس جهنَّم، وما وجدتُم من حرٍّ أو حرورٍ من نفَس جهنَّم».

فشدَّةُ برد الدنيا – رحمنا الله وإياكم – هو من زمهَرير جهنَّم، نعوذ بالله من جهنم حرها وبردها .

ونسأل الله الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا) [الإنسان: 13].

أقول قولي هذا ...

الحمد لله ....

أيها الإخوة: كتب عُمر - رضي الله عنه – إلى عُمَّاله ووُلاتِه إذا حضر الشتاء، يقول لهم: "إن الشَّتاءَ قد حضَرَ وهو عدوٌّ لكم، فتأهَّبُوا له أُهبتَه من الصُّوفِ والخِفافِ والجوارِب، واتَّخِذوا الصُّوفَ شِعارًا" أي: مما يلِي الأجساد، "ودِثارًا" أي: فوق الملابِس، "فإنَّ البردَ عدوٌّ سريعٌ دخولُه، بعيدٌ خروجُه".

وحيث امتنَّ الله على كثير منا بما يسَّرلنا من وسائل التدفئة والألبسة الواقية لنا ولأولادنا ومن تحت أيدينا ، فالدفء نعمة خصها الله بالذكر (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)

ومن شكر هذه النعمة مواساة من فقدها لفقره أو طبيعة بلده، والجود معهم وايصال ما يستدفئون به عن طريق الجهات الموثوقة, في الداخل والخارج .

ولقد وفق الله بعض إخواننا المحتسبين في الأعوام وهم على طريقتهم ماضون فصار من عملهم الصالح التعرف على ذوي الحاجات والأسر الفقيرة، وكذا لهم جولات للقرى المحتاجة، والعمال والرعاة في البر.

وإن يذكر فيشكر فيذكر أصحاب محلات الألبسة والمواد الغذائية الذين جعلوا في بضائعهم حقاً معلوما للمحتاجين يأخذونها من محلاتهم بطرق خفية حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.

في صور مبهجة ونفقة مخلوفة، وصدقة متقبلة بإذن الله .

(وإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم)

ومع ذلك ليكن كل هذا بقدر الحاجة, وما يحمد في مكان قد يكون نقله إلى مكان آخر أفضل .

فاللهم لك الحمد أن جعلتنا معطين لا آخذين !

أيها الإخوة أعظم النعم على العباد هي نعمة الدين والتمشي على هدي سيد المرسلين .

وتعظم هذه النعمة حينما تسمع وربما تشاهدونه عبر وسائل الإعلام من اشتغال كثير من المسلمين في كثير من البلدان الإسلامية بما يسمونه بالمولد النبوي، يعنون بذلك مولد النبي صلى الله عليه وسلم فيحيون أيام أول هذا الشهر ولياليه باحتفالات يجتمعون عليها ينشدون فيها المدائح النبوية، وربما كان في بعضها شركيات وتوسلات محرمة ويزعمون بذلك تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فاعلموا رحمكم الله وأخص إخواننا الوافدين الذين قد تكون هذه المظاهر أمراً عادياً أو مشروعاً عندهم ، وربما لم يسمعوا فيها نكيراً من قبلُ .

فاعلموا أنَّ الاحتفالات بالمولد أمر بدعي لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ "

ولم يثبت عند أهل التاريخ أن مولد النبي عليه الصلاة والسلام كان في الثاني عشر بل في ذلك أقوال كثيرة .

وهذه الاحتفالات لم يفعلها النبي صلى الله غليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعون من بعدهم وإنما أحدثها من أحدثها في القرن السابع الهجري لاشغال المسلمين عن شعائر عن دينهم الصحيح،ومشابهة للنصارى في عيد المسيح .

ومن كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم فإنَّ محبته تكون بطاعته، واتباع شرعه، ولا تكون محبته بالدعاوى.

فاللهم هيأ للمسلمين من أمرهم رشداً .

ثم التنبيه على تحريم مشاركة المسلمين للكفار في أعيادهم الكرسمس أو غيره  سواء نسبوها للمسيح عليه السلام أو غيره .

وقد بين العلماء أن مشاركتهم في أعيادهم بأي صورة كانت بتهنئة قولية أو كتابية أو أهداء أطباق الطعام أو الحلوى أو الورود أن هذا لا يجوز, ومن لازمها التهنئة بالباطل ، وقد نقل ابن القيم رحمه الله أن ذلك حرام بالاتفاق .

فاعتزوا بدينكم غير مبتدعين ولا مداهنين !  

 



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:54 مساءً الخميس 19 مايو 1446.