• ×

د.عبدالرحمن الدهش

خطبة عيد الاضحى المبارك لعام 1436هـ

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  1.6K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذبالله من شرور أنفسنا ... الله أكبر .... أما بعد:- فطوفت بنا الأيام فإذا نحن في نهاية العام، ومن لطف الله وكرمه أن بارك في الختام وجعل من أيامه أفضل الأيام.فأيام العشر هي الأيام المعلومات ضاعف الله العمل فيها، وكتب من الأجر ما لم يكتبه في غيرها . وبين أيديكم أيام التشريق الأيام المعدودات وهي أيام أكل وشرب وذكر لله عزَّ وجل فاعمروها بذكر الله مكبرين في كل أوقاتكم وفي أدبار صلواتكم. لايجوز صيامها فرضاً ولا نفلا حتى الثالث عشر ويومكم هذا هو يوم النحر هو يوم الحج الأكبر أفضل أيام الدنيا في يومكم هذا يقضي الحجاج معظم مناسكهم، فينتظم عقد الحجيج على صعيد منى بعد أن وقفوا بعرفة وباتوا بمزدلفة، فقد جعله الله عيداً للمسلمين حجاجاً ومقيمين، في هذا اليوم المبارك يتقرب الحجاج إلى ربهم بذبح هداياهم، وأهل الأمصار بذبح ضحاياهم إتباعاً لسنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام . فاحفظوا بركة أعمالكم وعظيم أجوركم بعد ما صمتم وصليتم، واحتسبتم بذل أموالكم في ضحاياكم . والسعيد من نظر في عاقبة أمره بعد أن أنظر الله في أجله، ومدَّ في عمره . والشقي المفلس من يعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم فطرح عليه، ثم طرح في النار" نعوذ بالله من الخذلان والحرمان . الله أكبر ... إنما يسعد بالطاعة من كانتطاعته على أتم وجهها ووقعت في وقتها، فللصلاة كتاب موقوت، وتأخيرها عن وقتها إضاعة به تفوت . وما بعد التأخير إلا الترك وإضاعتها (ومن ترك صلاته فهو لما سواها أضيع) . وحكم النبي صلى الله عليهوسلم حكمه الواضح في تارك الصلاة في قوله (فمن تركها فقد كفر) فاحفظوا حكم الشارع في تاركالصلاة . واحفظوا ضحاياكم فلا يلي تارك الصلاة شيئاً من ذبحها، فإن ذبحها تارك الصلاة وإن كان ابناً أو أباً فخلف الله عليكم أضحيتكم فهي ميتة أطعموها الكلاب والسباع لا يؤذيكم نتنها !. والإحسان للخلق محمدة من الخالق، وسبب في تحصيل رحمته (إن رحمة الله قريب من المحسنين) بهذه الطاعة تنال الحياةالطيبة (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) . الله أكبر... امر الله تعالى بالاعتيار (فاعتبروا يا أولى الأبصار) وحذر سبل الغافلين الذين رضوا بالحياة الدنيا، واطمأنوا بها والذين هم آياتنا غافلون ، ألا وإن من أجل مواضيع الاعتبار أخبارالصادق المصدوق أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأمور غيبية،فأصبحت واقعاً نشاهده، وعياناً نشهده، وإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بماأخبر به ليغار المؤمن على دينه، ويحذر سبل الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئكهم الخاسرون . ولئلا يكون الإنسان وقودا لهذه التغيرات،وحطباً ينصهر بهذه المتسارعات أحبر عليه الصلاة والسلام أن أناساً من أمتهيشربون الخمر أم الخبائث يسمونها بغير اسمها . فقال عليه الصلاة والسلام : " لا تذهب الليالي والأيام حتى تشرب طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها " والأحاديث في هذا متواردة مشهورة . وأخبر أن الزنا يفشو، وفشوه إنما يكون بعد وقوعه والنبي عليه الصلاة والسلام أوتي جوامع الكلم فلا يفشو الشيء إلابعد فشو أسبابه وتنوعها، وهذا لا يكون إلا بعد التساهل بمقدماته، والقرب من حياضه،والتردد إلى دوره ودياره في أسفار يخفون منها ويعلنون، (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله) تعلقت بها قلوهم فهم في غيهم يترددون، أما مقماته وحياضه فقد ولجها من زلت قدمه،وهزمته نفسه فصارت وسائل التواصل نفصاً عليه، حين اختارمنها جانب الفتنة فحارت عليه نقمة وكفر بها النعمة . فظلم نفسه بتواصل صوتي و سرعان ما تبعه المرئي فاستلذ ساعات الغفلة، وغره ستر الله عليه في علاقات لا يرضاها لأخته ولا بنته - إنكان لا يزال عنده متمسك في فطرته ولم ينطفئ بعد نور بصيرته - ثم لا تزال حبائل الشيطان تحكم حلقاتها،وخطواته تستجر سالكها حتى شطت به الحال، وأبعدت به فوجد نفسه مأمور للشيطان وقد نال حظه منه، وصدق الله العظيم (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومنيتع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) هذه حال من كانت بداياته يحوم حول الحمى فضولا منه، وتحقيق متعة متوهمة فأحسن الله عزاء هؤلاء في أنفسهم . وجبر مصاب زوجة ضاقت عليها الأرض بما رحبت حينما وقعت عينها على علاقات لزوجها ومراسلات في جواله أو محمولة . وجبر مصاب روج اسودت الدنيا في عينينه حينماأدرك أن لصوص النت وذناب البشر دخلوا بيته ونالوا من أهله مانالوا ! وليس كلامنا في تبرئة أحد الطرفين، وإخراجه مندائرة النازلة وقد يحمل الزوج بتساهله جزءا من جنوح زوجته،كما أن الزوجة بتقصيرها عليها كفل من التفات زوجها إلى غيرها! ورحم الله امرءاً أنصف غيره من نفسه! وإنما كلامنا الآن كيف حققت هذه الوسائل جانياً من فشو الزنا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم محذرا! (وما يعقلها إلا العالمون) فهل أنتم منتهون ؟ هذه بعض معالم النبوة فانظر – رحمك الله –إلى من نجا كيف نجا ؟ ولا تنظر إلى من هلك كيف هلك؟ وطويى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس . الله أكبر الله أكبر .... أيها الإخوة: حينما يأتي الحديث عن صلة الرحم، والتحذير من قطيعتها ! وكيف أن قاطع الرحم متوعد بقطيعة الله له ؟ في نفسه وماله وولده ! وكيف أن قاطع الرحم معرض نفسه للعنة الله، ثملا يسمع ما ينفعه، ولا يبصر ما يرفعه! آذان بلا إذعان، وأيصار بلا استبصار (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم فأصمهم وأعمى أبصارهم ) حينما يأتي مثل هذا الحديث يظن من ظلم نفسه بقطيعة رحمه أن هذا لا يشمله وهو إنما قطع رحمه بحق (محق)، فهو البطل ذو النفس الأبية، وله كرامة وحمية، ولا يقيل مذلة أو دنية !! فقضيته أكبر من أن تحلها (تنهيها) خطبة عيدأو كلمات منبر فلا تزال تمضي الأيام، وتطوي الأعوام ومن ظن نفسه فوق التوجيه متصلب في رأيه فهو مع إخوته في شدة وعناء، ومع بني عمه في بعد وجفاء، ولا تزال أخته منه محرومة، وعمته وخالته مصرومة مكلومة . وتأتي الأعياد ليتعاهد فيها ظلمه وتجلده فيالباطل فأفرح عدوه وصدق عليه إبليس ظنه، ومحبوه مشفقون عليه يخشون عليه مواعظ الأيام، وحوادث السنين حيث لم يرفع رأساً بزواجر الشرع، ولا وعيد رب العالمين . فمن هذه سيرته مع أخص الناس به ومنهم بضعة منه! أله عيد يسعد به؟ أو طاعة يستلذ بها ويرجو ذخرها ؟ وماذا ادخر ليدفع به مصارع السوء، وخزي الدنيا والآخرة وسنة الله التي عرفت في الجاهلية وأقرها الإسلام ما قالته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها مثبتة عززة النبي صلى الله عليه وسلم في (تا الله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم) الله أكبر الله أكبر ثم حديثنا إلى أخواتنا إن من أشد ما يقلق الأعداء وخصوصاً المتربصين بالمرأة المسلمة وينكس رؤسهم ويصيبهم بالإحباط أن كانت المرأة على مستوى الوعي بمكرهم، مستنيرة بنور الله أخذت حظاً من ميراث النبوة وعلم الشريعة . فحملت قضيتها بنفسها . وعرفت أن ما جرت إليه المرأة المسلمة في المجتمعات حولها ها هي يحاول أن تجر إليها، وتحفر الأخاديد تحت قدميها لتسقط كما سقط غيرها . أدركت أنها مستهدفة في لباسها حينما جلبت في أسواقنا ألبسة غيرنا وثياب قوم لا خلاق لهم . فالعباءات المخصرة والضيقة والنقابات الواسعة هي أضحوكة التجار ومن وراءهم من الشركات المصتعة على بنات المسلمين باسم الموضة . وتلك تجارة خاسرة، ومكاسب بائرة. عرفت أن العاري من اللباس هو عقوبةمن الله حينما يتسلط الشيطان على الإنسان فإنه يعريه (يا بني آدم لا يفتننكمالشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما) . استمسكت بهيبتها حينما اعتزتبعياءتها فرفعتها فوق هامتها فصرفت عن نفسها نظرات الذين في قلوبهم مرض. وبعد هذا كله سنة الله أن يبقىالصراع بين الحق والباطل، وبين دعاة الرذيلة وحماة الفاضلة . ولا عاصم اليوم من أمر اللهإلا من رحم فدعاة الاختلاط، والذين يزجونبالمرأة في وسائل الإعلام تشارك الرجال حديثهم تمارحهم تختلط ضحكاتها بضحكاتهمالله حسينا عليهم . وأولئك المتورطات لا يمثلنالمرأة في بلاد الحرمين فضلا عن كونها نموذجا للمرأة المسلمة وإن كان من أسمائهنعائشة وخديجة ... وإنما يمثلن شريحة انخدعت بالدعايةوركبت جانباً ٙ? موجة التغريب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ! أما الذين رخصت عليهم بناتهمفقدموهن راقصات منشدات في كل محفل تدعى إليه، ثم يعتذرون ببراءة الطفولة ويجادلون بالباطل . وقدليست ما يزعج وصفة على نبات حسن في جسمها . فهؤلاء ألا يزجرهم أن براءتهاالمزعومة في عين أبويها، هي متعة الناظرين وعلقة المفتونين، وفي هذا القدر كفاية حمى الله بنات المسلمين وحببإليهن الحشمة والحياء وألبسهن لباس التقوى . وهنا لفتة هي تتمة للحديث عنوسائل التواصل . = بقي أن تعرف كل من لا تزال غارقة في بحر التواصلالآثم، وهي تعب من مائه الأجاج الآسن أن أزهد فيك وأسرعهم تحولا عنك هو من أسمعكمعسول الكلام، وأشبعك عبارات الإعجاب و الدلع . وأن وعده بالزواج هي أحلام وسراب . بل لو استشاره خاطب فيك لكان من أشد الناستحذيراً منك . واقرئي ما سطرته ضحايا تلك العلاقات، كيفرميت كالثوب الخلق والنعل البالي ؟!! الله أكبر .... عباد الله : إن من أعظمأعمالكم في يومكم هذا ذبحكم ضحاياكم، وما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلىالله من إراقة دم ، فطيبوا بها نفساًمحتسبين غلاء أسعارها، ويكره تركها لمن قدر عليها،كما أن ذبحها أفضل من التصدقبثمنها، ووقت الذبح من حين الفراغ من صلاة العيد، وينتهي بغروب الشمس من اليومالثالث بعد العيد، فصارت الأيام أربعة ليلا ونهاراً فاللهم لك الحمد نعمك تترى،وفضلك سابغ فاللهم أوزعنا شكر نعمتكواستعملنا في طاعتك . اللهم تقبل من الحجاج حجهم،ومن المضحين ضحاياهم. الله أكبر الله أكبر ... يأتي العيد علينا وحالنا كما قال تعالى (وضربالله مثلا قرية كانت أمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان) وحال من حولنا وجاورنا (ويتخطف الناس منحولهم) فما ظنك بحديقة قد أحاطت بها حريقة والأعداء المتربصون لا يريدون بفاء للحديقة،ولا انطفاء للحريقة وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم . ولكن الله غالب على أمره . فمن صدق مع الله صدق الله معه . (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيزالذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عنالمنكر ولله عاقبة الأمور) فهو الذي يصرفها، يعز من يشاء ويذل من يشاء. ولن يفوتنا خير إلا بذنوبنا وتقصيرنا، وإنماتستجلب رحمات الله بطاعته (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات منالسماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) فلنحسن عملا، ولنؤمل من ربنا خيراً . فعزنا في ديننا، وقوتنا في وحدتنا، وإغاظةعدونا في وضع أيدينا في أيدي ولاة أمرنا بالمعروف . وحقهم في ثم الدعاء لإخواننا الذينيفتنون في دينهم . فاللهم إنا نسألك فرجاًعاجلاً لإخواننا في فلسطين سوريا، وفي العراق، وفي اليمن اللهم احفظهم في دينهم، وفي أبدانهم، ومكن لٙ?في ديارهم وول عليهم خيارهم. اللهم وأصلح أحوال المسلمين . اللهم هذا جهدنا، وأنت ربنا،على الله توكلنا، ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القومالكافرين . سبحان ربك رب العزة عما يصفونوسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:03 مساءً السبت 21 مايو 1446.