• ×

admin

خطبة الجمعة 8-10-1436هـ بعنوان مابعد رمضان

admin

 0  0  2.8K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنامن يهديه الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم , وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربه وسلم تسليمًا كثيرًا ..

أمابعــد ..

فلن تجد يا عبدالله للحياة معنى، ولا للعافية طعمًا حتى تكون على الطاعة مقيمًا ولمراقبة سرك قبل علانيتك مديمًا ومن رحمة الله تعالى بك أن يسر لك طرق الخير ونوع لك أبوابا لطرق حاجة العبد لربه أكبر حاجه وضرورته إليه فوق كل ضرورة.

قد يسر للإنسان بأصحابه ويجد الأنس مع أولاده ويعيش لحظات السعادة يعيشها مع هواياته ومحبوباته ولكن في النهاية لا ملجأ من الله إلا إليهولا حول له ولا قوة إلا بالله ففروا إلى الله ..

يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد))

فمتى استشعر العبد فقره إلى الله فقد جاز الغنى كله ومتى اشتغل بطاعة مولاه فقد حصل السعادة وعاش الحياة الطيبة (من عمل صالحاً من ذكرأو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) .

أيهاالأخوة: إن الله تعالى جعل مواسم تنشط فيها الهمم ويزداد فيها العمل وتتقوى لبقية العامفبماذا انقلبت يا عبد الله من رمضان ؟ وما هي حصيلتك الإيمانية من تلك الأيام العامرةبالصيام والليالي المتوجه بحسن القيام ؟ خشوع في القراءة وإطالة في الدعاء ونهي للنفسعن الهوى تركت طعامك وشرابك وشهوتك من أجل الله تعالى , أتظنها تمر بلا أثر أو تأثير؟ كلا فهي محطات إيمانية ورياض من رياض العمر ينقلب المؤمن منها بنفس راضية وهمة عالية فيا عبد الله إن من أول ما يهتم به المسلم بعد رمضان حتى نقول أنه قد استفاد من رمضان هو المحافظة على الفرائض والاهتمام بما أوجب الله عليه يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي ( وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) .. وأن أول ما يهتم بهمن الفرائض هي الصلوات الخمس التي كتبها الله على العباد فمن حافظ عليها كان له عندالله عهد أن يدخله الجنة , والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أول ما يحاسب عليه العبدمن عمله صلاته ، فإن صلحت قد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر) مفتاح للمحافظة علىكل فالمحافظة على الصلوات خير فهي مفتاح للمحافظة على نوافل العبادات فمن حافظ على المكتوبات بطهارتها وأوقاتها وأركانها وواجباتها وصار من السابقين لها أخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أنيستهموا عليه لاستهموا ) .

وهوفي نفس الوقت حذر أن يكون ممن قال الله فيهم : ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) وممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاةالفجر والعشاء ولو يعلمون فيهما من الأجر لأتوا إليهما ولو حبوا ) .

من حافظ عليها بهذه الصفة سهل عليه اتباعها وتكميلها بنوافل الصلوات فسوف يجد في نفسه شوقًاإلى الرواتب الثنتي عشر ركعة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من عبد مسلميصلي لله تعالى كل يوم اثنتي عشر ركعة تطوعًا غير الفريضة إلا بنى الله له بيتًا فيالجنة ) رواه مسلم . وهي أربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتانبعد العشاء وركعتان قبل صلاة الفجر بل إن الموفق يجد في نفسه شوقًا عظيمًا إلى ركعاتيركعها من الليل والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاةالليل ) وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعًا كُتبا في الذاكرينوالذاكرات ) رواه أبو داوود بإسناد صحيح .

وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ( لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) ثم بعد هذه المحافظة على المكتوبات وما يتبعها من الصلوات تبقى الصلاة مانعة عن كل سوء واعية لكل خير قال الله تعالى : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )

فأبعد الناس عما يستفحش من المعاصي التي تشتهيها النفوس وأبعد الناس عن كل معصية تنكرها العقول والفطر هم أهل الصلاة حيث استنارت قلوبهم وازداد بها إيمانهم فهي أفضل عبادة تقع منهم وفيها من عبوديات الجوارح ما ليس في غيرها .

أيها الأخ بعد اعتناء العبد في صلاته فرضًا ونفلاً فلهو اعتناء بالعبادات التي أختص الله بها ،فالنبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال ( الصوم لي وأنا أجزي به) فهو يتزود من الصيام ما استطاع متحينًا الأوقات الفاضلة والمناسبات المضاعفة محتسبًا الأيام الطويلة والحارة مستغلًا الأيام القصيرة الباردة ومن صام يومًا في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا.

ومنذلك ما حدّث به أبو أيوب رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من صام رمضان ثم أتبعه ستة من شوال كان كصيام الدهر كله ) فبادر الموفقون فصاموها فهم السابقون السابقون، ويهم قوم سوف يلحقون فيصوم هذه الأيام مجتمعة أو متفرقة ولكن لا يصمها إلا إذا قضى ما عليه من رمضانإن كانت عليه أيام منه لأن من عليه قضاء فلا يصدق عليه أنه صام رمضان، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال" وقد قيل غير ذلك ولكن هذا هو الأقرب للحديث، ومن فضول التنبيه ولله الحمد أن قد عرف الناس أنه ليس هنا كلأتمام صيام الست عيد يسمى فيما سبق عيد الأبرار، وإنما الأبرار كل يوم هو لهم عيد ماداموا على طاعة الله ويتنقلون في أنواع العبادات ممتثلين قول الله تعالى ( وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) فاستعينوا بالله عز وجل علىطاعته وفقني الله وإياكم لفعل الخيرات وترك المنكرات وثبتنا بقوله الثابت حتى الممات أقول ما تسمعون وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الخطبةالثانية :

الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلم تسليمًا كثيرًا

أمابعد .. فمما يعينك أيها العبد على نفسك أن تتعرف على فضائل الأعمال ومواطن الأجر فلله أعمال خصها بمزيد أجر وعبادات رتب عليها ثوابًا وفضلاً أخبر الله تعالى أنه مع المتقين وأنه مع المحسنين ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) وهذا في كل زمان وكل مكان فمن حقق التقوى واجتهد في الإحسان في عبادة ربه ومعاملة خلقه فالله معه ورحمةالله قريبه منه ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) ، فما أجمل الطاعة إذا اتبعت بطاعة وما أجمل الحسنة تتلوها الحسنة وما أحسن الإحسان يتلوه الإحسان والمعروف يتلوه المعروف والخير يتلٙو الخير ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) ، ( ويزيد الله الذينا هتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير مرداً ) ، ( إن الذين آمنواوعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم )

فياعبد الله إن ساعات الحياة هي منية الأموات فيتمنى المرء بعد انقضاء أجله يتمنى ركعةتكتب في صحيفة أعماله أو تهليلة أو تسبيحة أو استغفارًا يصلح بها شيئًا من حاله أوماله فالأعمار لا قيمة لها فتباع ، وسنة الله أن لا يسترجع منها ما فرط فيه وضاع ،ولكن الله جعل للعبد سبباً يصل به إلى ربه ما دامت روحه في جسده من غير انقطاع

إن الله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل

( وهوالذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً ) فكما خلفتم أيام رمضان ولياليه سوف تخلفون أيام أعماركم ولياليها والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني والأيام سائرة بالناس وإن لم يريدوا ولا بد لكل سائر من وصول ولا بد لكل راكب وإن طال ركوبه من نزول والدنيا مبنية على الانقضاء ولا بد بأهلها أن تزول ( أفحسبتم إنما خلقناكم عبثُا وأنكم إلينا لا ترجعون ) ، فاللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وآجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة , اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وبارك لنا في أعمالناوأجعل نستقبل من أيامنا خيرًا مما أمضينا , اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان, اللهم مكن للمسلمين في ديارهم وولي عليهم خيارهم وآمن روعاتهم وأستر عوراتهم , اللهممن أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره وأجعل ما يخططه تدميرًا عليه يا قوي يا عزيز , اللهم إنا نسألك فرجًا عاجلاً لإخواننا في سوريا والعراق تحفظ به أعراضهم وتحقن به دماءهم , ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الكافرين واستعملنا فيطاعتك يا رب العالمين , واغفر لنا و لوالدينا ولجميع المسلمين إنك على ذلك قدير وبالإجابة جدير , سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:14 مساءً الثلاثاء 1 يونيو 1446.