الحمد لله يبدي ويعيد، وأشكره وقد تأذن للشاكرين بالمزيد، قسم عباده إلى شقي وسعيد، لا يسأل عما يفعل، وهو الفعال لما يريد. وأشهد ألا إله إلا الله الواحد المجيد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً إلى يوم المزيد . الله أكبر الله أكبر .... أما بعد:- فها هو يوم عيدكم بعد انقضاء شهركم، ونهاية صومكم، وطول قيامكم فابتهجوا بعيدكم شكرا لربكم، واستغنوا به عن أعياد محدثة، (قل بفضل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون). فهنيئا للصائمين طاعتهم، كمل الله لهم أجر العدة ثلاثين يوماً، وإن نقصت فيها المدة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة " متفق عليه . أيام تقضت، وليال ترحلت، فلقد نعم الموفق بأيام رمضان، ومرت عليه سراعاً، أيام قيظ، ونهار طويل ولكن الله اختاره وأعانه، وأصطفاه ولن يحرمه . أدرك الصائمون أن أجمل الأوقات وأطيبها هو ما قضاه العبد قريباً من ربه تبارك وتعالى، ذاكراً حامداً تالياً لآياته، يطيل السجود، يرفع شكايته، يبث إليه ما أهمه، ويرجو قضاء حاجته، وحسن عاقبته . فاجتهدوا فيما اجتهدوا فيه فهل بقي عذر لمن غفل عن ذكر الله واتبع هواه، وصار أمره فرطا، فالقرب من الله تبارك وتعالى لا يحرمك شيئاً من لذة الدنيا المباحة، أو متاعها الطيب (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) وإن المسلم بقربه من الله يعرف حقيقة نعم الدنيا، فقربه من الله يجعل دنياه عونا له على طاعة الله، فيبارك له فيها، ويحفظ مما يضره أويعود نقصاً عليه في عاجل أو آجل . فتسمو روحه، ويستنير قلبه (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) أما من كان عن هذا بمعزل فحقه علينا ألا نعين الشيطان عليه . . فيا من صام وتجرأ وأفطر، وصلى لربه ثم تردى فترك وتأخر . أعد حساباتك، وقلب أوراقك . أليس لك واعظ في جنائز تترى ؟ أنظرك الله لتنظر، فماذا تنتظر ؟ ومن ضيع صلاته فهو لما سواها أضيع ! فلا تسل عن ضيق حياته، وتفريطه في حفظ سمعه وبصره، وحقوق أهله وتخوضه في ماله ! الله أكبر ... أيها الإخوة: الابتلاء سنة ماضية ربانية في صقل النفوس وتمحيصها (ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) وإن الله تعالى يحب من عباده تكميل عبوديتهم في السراء والضراء في حال العافية والبلاء، والشدة والرخاء . فوطنوا أنفسكم على نقص الدنيا، وكثرة غيرها، ونكد عيشها (لقد خلقنا الإنسان في كبد) وطنوا أنفسكم لتشتاقوا إلى دار (لا غول فيها ولا تأثيم)، (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما) (وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب) . وإنَّ الله يبتلي بالمحن الأمم والشعوب فهاهي يهود تعاود غزة المسلمة بوابل من القنابل المتقدمة على مرأى من العالم كله، فما أوفاها مع هذا الشعب المسكين، ولهم مع أهل فلسطين من قبل أعمال دون ذلك وفوق ذلك هم لها عاملون ! فلم تقصر دول العالم في الأخذ على يدها فأمطرتها بوابل آخر، ولكنه غير مماثل بوابل من التبرير، وتشفي ورضا من ذوي القلوب المريضة وبعضهم ممن ينتسبون للإسلام فكيف يجتمعان!! ولم يخل الموقف من شجب بارد، وتنديد جامد (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) الله أكبر ... أيها الإخوة: أعظم ما يتنافس فيه المتنافسون هو ثباتهم على هذا الدين، ولأجل هذا فليعمل العاملون. والثابتون أيام الفتن، وأمام قواصف العقول والأبدان هم قدوات المجتمعات، وبأخبارهم سطرت أمجاد وبطولات، فقلوبهم لم تقبل ما قبلته قلوب كثير من الناس فهي بيضاء مثل الصفاء لا تضرهم فتنة ما دامت السماوات والأرض . شعارهم (قل إني على بينة من ربي) أينا هذا الموفق في زمن صرنا نشهد فيه كثيراً من معاني قول النبي صلى الله عليه وسلم ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ) . وإن غربة الإسلام يساهم في إيجادها ويسرع فيها وجودها إبعاد الأمة عن منهج ربها، واستبدال الوحي الرباني والهدي المحمدي بالذي هو أدنى في مناهج تعليم، أو مواد إعلام، أو محاولة صبغ المجتمع بصبغة تحاكي المجتمعات التي ضل سعيها في الحياة الدنيا (ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون) وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكره من عودة غربة الإسلام ليعرف كل موقعه في هذه الحياة وألا يكون ممن يدفعون عجلة الغربة من حيث يشعر أو لا يشعر حتى تستحكم حلقاتها ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها . والغربة الأولى (بدأ الإسلام غريبا) لم يدفعها ولم يرفعها إلا الثبات ومعرفة أن الباطل له صولة ولكن الحق هو الفائز في نهاية الجولة (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذ هو زاهق) . الدين الإسلامي دين رضيه الله لعباده، وبعث فيه أشرف خلقه للناس كافة، بعثه رحمة للعالمين ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . وإن من غربة الدين أن يلاحق الناس بتصنيفات مستوردة، وتنقل إلى بلادنا معارك وخصومات خارجية فيتصدع البناء الواحد، ويتحزب الناس فيفشلوا وتذهب ريحهم، ويفرح عليهم عدوهم وينشغل الناس عن مشاريع الخير ومصالح البلد فيمرر المفسدون مآربهم، ويختصرون الزمن فيحققون ما لا يحققونه زمن وحدة الصف والكلمة . فاستمسكوا رحمكم الله بدينكم، ولا تساوموا على أمنكم، وضعوا أيديكم بأيدي ولاة أمركم، وعلمائكم طاعة في المعروف ونصحا، ودعوة لهم في السر والعلن، واطمئنوا لربكم فلقد فضلنا في هذا البلد على كثير من العالمين، والأحداث التي تسمعون بها وتشاهدون مجرياتها ليست على كوكب آخر، وإنما هي في بلاد المسلمين وقريب من دياركم فدافع الله عنا ولم تزل بلادنا مهوى الأفئدة بأمنها ورغد عيشها، ولم يتغير شيء من نظامها رغم جهود العابثين، وتربص الحاسدين، وتغريدات المتربصين فنحن على طيب عيشنا وعلى أفراحنا وتجاراتنا، حتى سياحتنا وأسفارنا لما اشتعلت الدنيا من حولنا غاية ما أصابنا أن تغيرت وجهتنا، واستبدلنا إلى جهات أخرى حجوزاتنا. فسبحان من بيده ملكوت كل شيء ! أي نعمة نتفيؤها؟ أترى بعد هذا الخير من شر؟ أما إن النعم قيدها الشكر، ونصرة المظلوم، وتفقد المحتاجين، ونحن مشفقون من بوادر كفرها ومظاهر جحدها والله يقول (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذاب لشديد) اللهم إنا نعوذ من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك . الله أكبر الله أكبر ... أيها الإخوة: لا يهولنكم الكيد الدولي، والمكر السياسي لإخراج الناس من دينهم أو إفساده وتشويهه بالصاق التهم به، وتخويف الناس من العودة له وتطبيق أحكامه، ولي يد كل من يلوح به، وإقصاء أي صوت أو دعوة لبيان محاسنه، وأنه الدين الذي أخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العالمين، ومن ضيق الدين إلى سعتها . فأي تنظيم في الوجود قام بمثل ما قام به هذا الدين، أو قارب ؟ أما إن البشرية لم يخيم عليها خيبة، ويركبها أسف، وتتجرع الحسرة إلا في ظل هيئات الأمن، ومنظمات حقوق الإنسان ودعاة تحرير المرأة وإن شئت الشاهد القريب فسل أهل الشام والعراق وفلسطين ولا نطل العد فغيرهم كثير... سل هؤلاء، بل لا تسأل أحداً ! فجزء الخبر الذي تنقله وسائل الإعلام بعد أن يمحو المتلاعبون في الأخبار ويثبتوا ما يشاءون ويخلقون بل ويختلقون ويئدون ما يريدون . جزء هذا الخبر بعد كل هذا يعطيك صورة صادقة لما قرأناه في كتاب ربنا (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبكم) هؤلاء في الأعداء الأولين أما أعداء زماننا فهم لا يرضونكم بأفواههم،بل يغيضونكم بأفواههم وبتصاريحهم الصحفية، وليس رضاكم مطلباً عندهم أولياً ولا ثانوياً ... دعونا من هذا !! وفي جعبكم ما قد يربو على ما فيه جعبة خطيبكم ! (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس ممن هم آذان صاغية وعقول قابلة لا يعلمون) . فلا تطل الانتظار من قوم قال الله فيهم (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) . فلنعد إلى بنيتنا الأولى فوالله ما جاء خلل إلا من عند أنفسنا (قل هو من عند أنفسكم)، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) بيوتنا معاشر الإخوة أرادها الله سكنا للنفوس قبل أن تكون سكنا للأبدان (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا) تكلفنا بنايتها، وتأثيثها، بل وبالغنا في ذلك، لتكون معالم في حينا، تحفة من تحف عصرنا، وتم ما أردنا، ولسان حالنا: ما أجمل بيوتنا لولا ديون ظهورنا، تغافلنا عن ثقل الدين، ومسؤولية شغل الذمم، ونفس المرء معلقة حتى يقضى ! تغافلنا عن كل هذا !! عفا الله عنا، وقضى عنا ديوننا وأخرجنا من حقوق عباده . فلا نتغافل عما هو أهم ! فهل نكتفي أن تكون بيوتنا محلاً لأكلنا ونومنا . والله تعالى يقول في أشرف بيوت، وفي حق أشرف من سكن البيوت (إنما يريد لله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، ويطهركم تطهيرا، واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) هذه حقيقة بيوت من عرف حقيقة الدنيا وقرب غيرها . صيانتها من كل رجس، وتطهيرا من كل منكر، ثم عمارتها بآيات الله والحكمة . حينها نأمن اختراق البيوت وتخطف البينين والبنات من عابث بفضيلة أو مساوم على رذيلة . نعم اخترقت بعض بيوتنا ولم تسلم منه بيوت بعض الصالحين منا على حين غفلة من أهلها فوجد أرباب المخدرات طريقا سهلا إلى أولادنا، والمتلصصون عليهم عبر تقنية التواصل دخلوا قعر بيوتنا من غير الأبواب فهم على حديث معهم، وميعاد، فهم أخبر منك ببعض شؤون بيتك، وأنت تظن نفسك القيم الحامي, هيهات!! قوامتك مخترقة!! فأي لبنة تسد بها خرق بيتك ؟!. إنها لبنة استشعار المسؤولية والقرب من أفراد البيت ذكورهم وإناثهم . ولا تطلب مستحيلا، فالود والوضوح والشفافية الذي كانت بين يوسف ويعقوب عليهما السلام قد لا تبلغها ولكن سددوا وقاربوا . لا تفتح ملف الشكوك والوساوس، ولا تلق الحبل على غاربه هارباً إلى رفاقك، عائذا باستراحتك، متسلياً بأسفارك وطول غيابك . ورحم الله والدا أعان ولده على بره ! و من مواطن الابتلاء حينما تجد من ولدك ما يسوءك، فلم ترض منه حال دين، ولا يشف قلبك في أمور دنيا . وأبلغ وصفٍ وصفُ الله تعالى (عدوا لكم فاحذروهم) فماذا أعددت لعدو في بيتك ؟، عدو وصاك الله به (يوصيكم الله في أولادكم) ؟. فحل المشكلة هو في مواجهتها، فاحمل سلاح الصبر والاحتساب والتوجيه، ولازم الدعاء والشكاية لرب الأرباب الذي قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه . فإن قلت: آنست من ولدي سفهاً متعمداً نشأته على الصلاة وبلغت الحال أني اتهمه في ترك بعض الفروض فأقول: هذا ميدان الصبر، والتوجيه! فإن قلت: شممت منه الريح المكروه، وأخاف أن يهدم بدنه كما هو لا يتحفظ عما يهدم دينه ! فأقول: وهذا ميدان آخر للصبر والتوجيه ! فإن قلت: ساءني لباسه فقد ركب موجه الطيش، وفرَّط في رزانته و مرؤته، ولبس ما استحي أن أراه عليه، وصرت أخاف أن يقع بصري على شيء من عورته، أو يكون فتنة لغيره ! فأقول: أعظم الله أجرك، هذا ميدان ثالث للصبر والتوجيه . الله أكبر ... ثم أنتم معاشر الأبناء أروا الله في بركم والديكم خيراً . وإن أعظم بر يقدمه ولد لوالده في ظل المتغيرات المتعددة أن يوفق فيشعر والده أنه قريب منه لم يستغن عنه، فهل تستطيع أن توصل هذه الرسالة واضحة إلى أبويك، وإن كبر سنهم، وقلت ثقافتهم! ولا يَتِمُّ ذلك ألا بعدم الاستسلام للمشاغل والارتباطات على حساب العلاقة الأبوية والجلسة العائلية . إن حسن الصحبة التي تبذلها لرفاقك، والداك أولى بها وبأضعافها، ففيهما فجاهد . حسن معاشرتك لزملائك، حتى صرت قدوة لهم، ومحبوبا عندهم لا نقبل أن يكون ذلك لباساً تخلعه عند عتبة باب البيت لتأتينا بثوب آخر . تغريداتك عن مراعاة المشاعر في المعاملة والابتسامة، والقيام بشؤون البيت والأخوات لا تنس أن متابعيك يرقبونها في سيرتك فلا يناقض مقولك مفعولك . ابني الغالي: تاقت نفسك للجهاد، و وظننت في ساحاته متنفساً لبعض عوائق حياتك، وسلوة عن منغصاتها . فأكرم بالجهاد ذروة سنام الإسلام، وأعظم بمن همتهم أن تكون كلمة الله هي العليا. و أظنك قرأت عن فضله، وسير أبطاله، وتابعت مقاطع تضحياتهم، وكرهم وفرهم، وربما حاكيت بعض ذلك في خلوتك . ولكن بقي عليك أن تقرأ في شروطه، والجهاد يكون مع من ؟ ومن سيقطف ثمرة جهادنا وإراقة دمائنا ؟ اقرأ أو سل الناصحين الصادقين حتى تتبين أمرك، فالعمر يقضيه الإنسان مرة واحدة، ولا رجعة للتصحيح . اقرأ حتى تدرك أن الجهاد ليس هو شدَّ عمائم، ولا هزَّ رؤوس، وآهات و ترانيم أنشودة . نعم، وعذراً للصراحة . ثم حدثني يا بني واصدقني الحديث هل مرَّ مجاهدون عبر التاريخ الطويل للمسلمين في أي جيش إسلامي كانوا وصف أفراده بأنهم كانوا يتسللون لوذا حتى إذا بلغوا غايتهم تبرؤا من بلادهم وتنكروا لأرضهم، وعابوا دولتهم، وتندروا على علمائهم ومشايخهم وأمرائهم، ولمزوهم بفسق أو تكفير وتصيدوا تقصيراً أو قصوراً في حكومتهم فتوعدوا، وأرغوا وأزبدوا . ثم صاروا يتعجلون النصر، ومن لم يرق له ضلالهم فهو مرتد مأخوذ بالقهر !! هذه بعض معالم أرجو أن تجيلها في خاطرك، بشرط أن تستلهم التوفيق من خالقك، وألا تعير لكائن من كان عقلك . وحسن النية لا يلازمه دائما حسن العمل (وما توفيقي إلا بالله) . ويبقى المجاهدون الصادقون المقبلون غير المدبرين منهم من قضى نحبه رحمه الله وكتبهم في الشهداء ومنهم من ينتظر . الله أكبر الله أكبر ... نهاية كلامنا إليك أنت يا أمة الله يا من صامت فرضها، وخرجت لصلاة العيد ترجو ما عند ربها . الوصية لك بعبادة قل من يتعبد بها إنها عبادة القرار في البيت عبادة تمضي المرأة لحظاتها في رضا ربها، وصيانة نفسها، وقيامها بشؤون بيتها، ورعاية مصالح الأسرة عمل لا يقوى عليه غيرك، وثغرة لا يسدها إلا أنت وليست بطالة تحتاج إلى حل . وسلي اللاتي خرجن من بيوتهن ماذا كسبن وماذا أضعن؟ (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) هنيئا لك تبصرك في مواطن الزلل، ومعرفتك بخطوات التغريب في هذا البلد المبارك، والمؤتمرات التي عقدت والبنود التي من تحت الطاولة مررت . وهنيئا لك مرة بعد مرة أن أدركت أن قضيتك ليست قيادة سيارة من عدمها، ولا موظفة في أماكن مختلطة، أو ممارسة رياضة، ولكن القضية حياء وحشمة يتقاطع تجملك بهما مع تغريب المجتمع فلا بد أن يعملوا على كسرة وإذابة حواجزه على نار وإن خف لهيبها فجلدهم جلد عجيب وصبرهم لينالوا مآربهم صبر طويل . حجابك أيتها المصونة، فيه عزّك وهيبتك فلا تملي الكلام في التواصي به ولزومه . أختي المبارك : حسابك الالكتروني هو عنوان ومرآة تُرى من خلالها أخلاقُك، ويدرك من صفحاته عقلُك ودينُك . فلا يكن بوابة يلج منها كل راغب، ويحظى بمتابعتك البر والفاجر . كما أن متابعتك لا يكن ضابطها الشهرة، أو حسن العبارة، ووسامة الصورة فانظري حفظك الله أين تضعين ثقتك، ولمن تفتحين قلبك، وتعطينه صدقك. وقد تراجع خطاب عن خطوبتهم حينما وقفوا على حسابات من خطبوها ! بنيتي الغالية لست بأرض هوان صورتك تستثير غيرتنا فطرة فكيف إذا انضم إليها الشرعة فإياك أن تتنازلي تحت أي ظرف وفي أي مناسب أن تؤخذ لك صورة ولو كانت من زميلاتك الموثقات، ومراودتهن بإخفاء الوجه وتغييب المعالم، أو أنها صورة لا تثبت أو مقطع سرعان ما ينحذف . جوابه: ومن يضمن لي من سوف لي يراه قبل الحذف؟. وقد علمت أيضا أن ما قيل عنه ينحذف صاروا يتحايلون عليه فيبقى ولا ينحذف . فلا يكن حظك من هذه التقنية والجوالات الذكية الحظ الذي يعود عليك بنقص دين أو خلق، أو يلحق بك عاراً . حفظك الله من كل سوء، ولا هتك لك سترا في الدنيا ولا في الآخرة . بارك الله فيك، وبارك في أخوات أخريات صرن مفاتيح خير مغاليق شر . ربطن على قلوب أزواجهن وصرن عونا لهم دينا ودنيا . وفي أخريات هن مصابيح نور في أحيائهن ومدارسهن وجهود إصلاحية وأعمال تطوعية قد نعلم منها وما لا نعلم أكثر والله بكل شيء عليم الله أكبر ... العيد بهجة للنفوس المطمئنة المتغلبة على حظوظ نفسها فتزور القريب وتهافت البعيد . لا تسلم قيادتها للشيطان فيثير مشاكل مضت وخلافات اندثرت فلا يزال يأخذ حظه منك فيظفر منك بقطيعة ونفرة في يوم التواصل والألفة . أصلح الله ذات بيننا وأعاذنا من الشيطان وحزبه . فاللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة . اللهم إنه من أولادنا وإخواننا من هم مغتربون في بلاد بعدت عليهم الشقة، يتكلفون عيشة الغربة اللهم احفظهم في أبدانهم وأديانهم ولا تخيب آمالهم ولا رجاء ذويهم وأمتهم فيهم . يأتي هذا العيد على أناس كانوا معنا في الأعوام الماضية فأصبحوا مرتهنين بأعمالهم أحوج ما يكونون إلى دعائنا لهم فاللهم اغفر لهم وارحمهم ... وليس من السنة تخصيص هذا اليوم بزيارة القبور باسم المعايدة، والزيارة مشروعة كل وقت. اللهم إن هذا اليوم يمر على عباد لك في أماكن كثيرة لا تخفى عليك حالهم اللهم فارحم ضعفهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، واجمع شملهم، ومكن لهم في ديارهم، وآمنهم في دورهم . اللهم عليك باليهود الظالمين، وعليك بالنصارى الحاقدين، وعليك بالرافضة المنافقين، اللهم وفق ولاة أمرنا للبر والتقوى وقوهم بالحق وقو الحق بهم . اللهم أتم علينا أمننا، واحفظ رجال أمننا وقهم شرور المتربصين وكيد المكفرين المجرمين . اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم. وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم الرجوع من مصلى العيد من غير طريق المجيء ... سبحان ربك رب العزة ...