خطبة الجمعة 10-7-1435هـ بعنوان أم الخبائث
د.عبدالرحمن الدهش
07-11-1435 03:16 مساءً
0
0
2.5K
الحمد لله الذي أكرم الإنسان ، وعلمه البيان ، وخصه بالعقل من بين سائر الحيوان ، وميَّز من آمن بالفضل والإحسان ، وجعل أعلا أوصافه وصف العبودية للرحمن، ثم شرَّفه حين ناداه باسم الإيمان (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب رجس من عمل الشيطان) .
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له نهانا عن اتباع خطوات الشيطان .
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله المبعوث بالنصح والبيان صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان .
أما بعد :-
فاتقوا الله حق تقاته ، واعرفوا الخير لتأخذوا بأسبابه وتدخلوه من أوسع بابه ، واحذروا الشر وإياكم من الاستهانة فيه أو مجالسة أصحابه .
ابن آدم كرَّمك الله بالعقل ، وجعل عقلك قائداً إلى معرفة خالقك والاستدلال بآيات موجدك (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) .
فالعاقل يقوده عقله لتقوى الله تعالى (فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون) .
فبالعقل يميز الإنسان بين الخير وضده والنافع و ما يضاده
بالعقل يسعد في حياته ، ويسعد به قومه وأهل بيته، وبفقده يشقى في نفسه ويشقى به غيره .
ألا ما أعظم نعمة العقل !!
وما أشدَّ خسارة من فقده !!
ومع كل هذا يسعى الإنسان الظلوم الجهول ليذهب عقله باختياره في شربة خمر ، أو تناول مخدر .
وكل مسكر حرام سواء شربه الإنسان أو أكله أو شمه أو حقنه في عروقه أو بأي وسيلة أدخله إلى جوفه .
أما علم هذا الإنسان أن النبي صلى الله عليه وسلم : "لعن شارب الخمر " بل إنه لعن معه كل من يعينه على منكره.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة : لعن الخمر ، وشاربها ، وساقيَها ، ومبتاعها (أي : مشتريها) وبائعها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها ) رواه أبو داود وغيره ، وهو حديث حسن .
فما أقبح الخمر !
حتى ساقيها ومصنعها ومن يبيعها في زاوية محله أو بيته داخل المدينة أو في الخلاء ، وكذا من يحملها . كل هؤلاء تصلهم لعنة النبي صلى الله عليه وسلم فيطردون عن رحمة الله وتوفيقه ، وإن كانوا لا يشربونها .
وأنت يا شارب الخمر : يا من أذهبت عقلك باختيارك ،
مع كونك أحد العشرة الملعونين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم استمع أيضاً إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر حرام ، وإنَّ على الله عز وجل عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال ، قالوا : يا رسول الله ! وما طينة الخبال ؟
قال عرق أهل النار ، أو عصارة أهل النار " رواه مسلم .
يا شارب الخمر: يا من رضيت أن تكون كالبهيمة بل أسوأ .
إنَّ البهيمة لا يمكن أن تؤذي نفسها بأي سبب ، وشارب الخمر ربما آذى نفسه فجرحها ، وربما قتلها .
البهيمة لا يمكن أن تتناول نجاستها ، وشارب الخمر ربما شرب بوله وأكل عذرته .
البهيمة لا يمكن أن تضر بصغارها وبني جنسها ، وشارب الخمر قد يسبُّ أهل بيته ، ويضر بأولاده ، ويلعن والديه وربما قتل بعض أفراد أسرته .
بل إن شارب الخمر ربما راود إحدى محارمه عن نفسها فطلب أن يواقع بنته، أو أخته بل وصلت الحال أن ألح شارب خمر على أمه أن تمكنه من نفسها !!
وما له لا يفعل ذلك ، وقد غطَّى عقله ، وغيَّب إدراكه فما الذي يمنعه ؟
يا شارب الخمر : كيف حالك وما وزنك عند والديك ، عند إخوانك ، وأخواتك ، عند أبنائك وبناتك وأنت الأب الراعي لهم وهم يرونك ترغي وتزبد في البيت كما يرغي ويزبد الجمل الهائج ؟
ما مقدار منزلتك ، وقد أخذ كلٌ منهم حجرة من البيت وأغلق عليه يخشى سطوتك ويخاف غشمك ؟
هل تصورت تلك الحال وأنت تهذي في كلامك ، ويعلو صوتك ، ويسمع الجيران صراخك !
تلعن مرة ، وتسب نفسك مرة ، بل ودينك وخالقك ، تطلق زوجتك ، تتأرجح في مشيك .
أيُّ ذل بعد هذا الذل ؟
وأيُّ خزي يكون في الدنيا بعد هذا الخزي ؟
إلا أن تكون شاكاً في أنَّ حالك تتردى إلى هذه الصورة. فكلف نفسك واسأل رجال الشرطة أو رجال الهيئة كيف وجدوك وعلى أيِّ حال كنت لمَّا قبضوك .
فيا شارب الخمر : انق الله تعالى في نفسك ؟
واعلم أنك وإن احتطت لنفسك ولم تشرب الخمر إلا بين رفاقك في منأى عن العالمين ، وبعد عن المراقبين .
فأين تحتجب عن رب العالمين ، وكيف تغيب عن الخبير العليم ؟
فماذا لو خرجت روحك وفي يدك كأس الخمر ، أو نزل بك ملك الموت والشراب المحرم يضمه جوفك وتتقلب به أحشاؤك ؟
نعوذ بالله من سوء الخاتمة
الحمد لله الحمد لله الذي أكرم الإنسان ، وعلمه البيان ، وخصه بالعقل من بين سائر الحيوان ، وميَّز من آمن بالفضل والإحسان ، وجعل أعلا أوصافه وصف العبودية للرحمن، ثم شرَّفه حين ناداه باسم الإيمان (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب رجس من عمل الشيطان) .
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له نهانا عن اتباع خطوات الشيطان .
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله المبعوث بالنصح والبيان صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان .
أما بعد :-
فاتقوا الله حق تقاته ، واعرفوا الخير لتأخذوا بأسبابه وتدخلوه من أوسع بابه ، واحذروا الشر وإياكم من الاستهانة فيه أو مجالسة أصحابه .
ابن آدم كرَّمك الله بالعقل ، وجعل عقلك قائداً إلى معرفة خالقك والاستدلال بآيات موجدك (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) .
فالعاقل يقوده عقله لتقوى الله تعالى (فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون) .
فبالعقل يميز الإنسان بين الخير وضده والنافع و ما يضاده
بالعقل يسعد في حياته ، ويسعد به قومه وأهل بيته، وبفقده يشقى في نفسه ويشقى به غيره .
ألا ما أعظم نعمة العقل !!
وما أشدَّ خسارة من فقده !!
ومع كل هذا يسعى الإنسان الظلوم الجهول ليذهب عقله باختياره في شربة خمر ، أو تناول مخدر .
وكل مسكر حرام سواء شربه الإنسان أو أكله أو شمه أو حقنه في عروقه أو بأي وسيلة أدخله إلى جوفه .
أما علم هذا الإنسان أن النبي صلى الله عليه وسلم : "لعن شارب الخمر " بل إنه لعن معه كل من يعينه على منكره.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة : لعن الخمر ، وشاربها ، وساقيَها ، ومبتاعها (أي : مشتريها) وبائعها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها ) رواه أبو داود وغيره ، وهو حديث حسن .
فما أقبح الخمر !
حتى ساقيها ومصنعها ومن يبيعها في زاوية محله أو بيته داخل المدينة أو في الخلاء ، وكذا من يحملها . كل هؤلاء تصلهم لعنة النبي صلى الله عليه وسلم فيطردون عن رحمة الله وتوفيقه ، وإن كانوا لا يشربونها .
وأنت يا شارب الخمر : يا من أذهبت عقلك باختيارك ،
مع كونك أحد العشرة الملعونين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم استمع أيضاً إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر حرام ، وإنَّ على الله عز وجل عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال ، قالوا : يا رسول الله ! وما طينة الخبال ؟
قال عرق أهل النار ، أو عصارة أهل النار " رواه مسلم .
يا شارب الخمر: يا من رضيت أن تكون كالبهيمة بل أسوأ .
إنَّ البهيمة لا يمكن أن تؤذي نفسها بأي سبب ، وشارب الخمر ربما آذى نفسه فجرحها ، وربما قتلها .
البهيمة لا يمكن أن تتناول نجاستها ، وشارب الخمر ربما شرب بوله وأكل عذرته .
البهيمة لا يمكن أن تضر بصغارها وبني جنسها ، وشارب الخمر قد يسبُّ أهل بيته ، ويضر بأولاده ، ويلعن والديه وربما قتل بعض أفراد أسرته .
بل إن شارب الخمر ربما راود إحدى محارمه عن نفسها فطلب أن يواقع بنته، أو أخته بل وصلت الحال أن ألح شارب خمر على أمه أن تمكنه من نفسها !!
وما له لا يفعل ذلك ، وقد غطَّى عقله ، وغيَّب إدراكه فما الذي يمنعه ؟
يا شارب الخمر : كيف حالك وما وزنك عند والديك ، عند إخوانك ، وأخواتك ، عند أبنائك وبناتك وأنت الأب الراعي لهم وهم يرونك ترغي وتزبد في البيت كما يرغي ويزبد الجمل الهائج ؟
ما مقدار منزلتك ، وقد أخذ كلٌ منهم حجرة من البيت وأغلق عليه يخشى سطوتك ويخاف غشمك ؟
هل تصورت تلك الحال وأنت تهذي في كلامك ، ويعلو صوتك ، ويسمع الجيران صراخك !
تلعن مرة ، وتسب نفسك مرة ، بل ودينك وخالقك ، تطلق زوجتك ، تتأرجح في مشيك .
أيُّ ذل بعد هذا الذل ؟
وأيُّ خزي يكون في الدنيا بعد هذا الخزي ؟
إلا أن تكون شاكاً في أنَّ حالك تتردى إلى هذه الصورة. فكلف نفسك واسأل رجال الشرطة أو رجال الهيئة كيف وجدوك وعلى أيِّ حال كنت لمَّا قبضوك .
فيا شارب الخمر : انق الله تعالى في نفسك ؟
واعلم أنك وإن احتطت لنفسك ولم تشرب الخمر إلا بين رفاقك في منأى عن العالمين ، وبعد عن المراقبين .
فأين تحتجب عن رب العالمين ، وكيف تغيب عن الخبير العليم ؟
فماذا لو خرجت روحك وفي يدك كأس الخمر ، أو نزل بك ملك الموت والشراب المحرم يضمه جوفك وتتقلب به أحشاؤك؟
نعوذ بالله من سوء الخاتمة
الحمد لله أباح الطيبات وحرم الخبائث .
وأشهد ألا أما بعد :
فإنَّ من أكبر بل هو أكبر الأسباب لترك هذا الشراب الخبيث أم الخبائث مراقبة الله عز وجل وتعظيم حرماته واليقين التامة أن الله لم يحرم شيئاً على عباده عبثاً ، ولم يمنعهم مما فيه مصلحتهم أبداً .
ألم يأن لك يا شارب الخمر أن تهجر من كانت سبباً في العداوة والبغضاء ، ومن صدتك عن ذكر الله وعن الصلاة ؟
(إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة )
فبالله عليك يا شارب الخمر ، هل ستجد من نفسك رغبة في ذكر الله وفي قراءة القرآن ، أليست الخمر هي التي منعتك لذة الذكر وقراءة القرآن؟ .
أليست الخمر هي التي منعتك حضور الجماعة مع المصلين وثقلت عليك أداء الصلاة في وقتها ، بل ربما جعلتك تترك بعض الفروض عامداً مختاراً، لأنك مصدود بأم الخبائث ، ومتعلق قلبك بما هو رجس من عمل الشيطان ومن ضيع صلاته فهو لما سواها أضيع .
ثم بعد مراقبة الله والخوف من عقوبته أن تهجر رفاقك الذين هونوا عليك تلك الكبيرة ، وحسنوها في عينك وذللوا العقبات أمامك فهم دعاة على أبواب جهنم فهجرهم واجب ، وإن اتصلوا وألحوا وإن طرقوا الباب وتابعوا ، وإن هددوا وتوعدوا فعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة .
ثم بعد ذلك أن تبحث عن رفيق صالح يعينك على نفسك وتلزم صحبته ، وتلتفت مع ذلك إلى أهلك وأولادك الذين اسودت وجوههم أمام الناس وتواروا عنهم مما جررته إليهم ، وشوهت به سمعتهم .
فأقبل عليهم وامسح الأسى عن حالهم ، وأعد الطمأنينة والسكينة إلى نفوسهم ، واجعلها درساً لك وتوبة لا رجعة بعدها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وخير الخطائين التوابون .
ثم أنتم يا من ابتلوا بمن تورط في مسكر أو مخدر من أب أو أخ أو ابن أو غيرهم اعلموا أن هذا من بلاء الدنيا فاصبروا ، ولا تيأسوا من روح الله .
وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم فلقد أتي في مجلس النبي صلى الله بسكران ، فأمر به فضرب ، فلما انصرف قال رجل : ماله أخزاه الله !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم " رواه البخاري .
فمن تورط في شيء من هذه القاذورات فهو مسلم ومن حق المسلم على المسلم أن يعان على نفسه ولا يعان الشيطان عليه سواء بلغ أمره السلطان أو لم يبلغ فهو بحاجة ماسة أن يتلقى بالرحمة وأن ينأى به عن رفاق السوء وأن يعان على إصلاح حاله وشغل وقته ، فإن كان يظن في الخمر سلوة عن صعوبة الحياة ومشاكلها ، وسعادة لا يجدها في واقعه فليبين له أنَّ هذه أوهام ووساوس من الشيطان والسعادة في طاعة الله ، وأن تعاطي ما يذهب العقل سبب في هلوسة دائمة وجنون مستمر .
ومشاكل الحياة يطلب فرجها ممن بيده ملكوت الأرض والسموات ، وليحذَّر من سخط الله ، وعقوبة في الدنيا أو بعد الممات .
ومن حقه أن يحمل إلى مستشفيات الأمل ليعالج هناك بسرية تامة، وهذا بعض حقه علينا، وأعظم معونة تبذل له (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)
ثم إنه معاشر الغيورين على أبنائهم وأمتهم التعاون مع رجال الأمن والحسبة، وجنود مكافحة المخدرات الذين جهودهم ليس لها مقابل إلا الدعاء لهم بالتوفيق والتسديد وأن الله يحفظهم من مجرمي مروجي المسكر والمخدر.
وبين فترة وأخرى نسمع الأرقام المهولة والكميات المخيفة من الحبوب المخدرة، وأطنان الحشيش التي كانت في طريقها إلى أبنائنا ومجتمعنا لولا توفيق الله بتيسير كشفها وضبطها، وقد عملوا الحيل الشيطانية لإخفائها وتهريبها.
فالتعاون معهم واجب ديني، ومطلب وطني أمني بالتبليغ عن الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، ومن تبدو منهم قرائن الريبة في ترددهم، أو تجمعهم في مكان ما، مستغلين كثرة الناس، وتجمهرهم، وما أيام الإجازة منكم ببعيد .
وكذا التنبه على حيل العمالة الفاسدة التي باعت دينها، وضمائرها فأصبحت أماكن سكنهم وكراً لبيع المخدر أو المسكر، أو تصنيعه، وشركاً يصاد فيه أبناؤنا يناولون فيه الأيدي البريئة ما يهدم حياتهم، ويقضي على مستقبلهم.
تنبهوا لذلك وعرفوا من قد يجهل ذلك من الكفلاء الغافلين، ومن أبنائكم ومن هم تحت أيديكم، وحذروهم خطوات شياطين الإنس في هذا المجال .
ولا أدرى أيزيد سوقها أيام الاختبارات بحجة أنها تزيد في التركيز وتنشط على الاستذكار !
وهذه خطوات الإدمان وضياع الإنسان .
فاللهم سلم سلم .
اللهم احم بلادنا وبلاد المسلمين مما يكيده لهم أعداؤهم ...
شارك